للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ: (اشْتَريهَا وَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلاءَ).

(وعنْ عائشةَ - رضي الله عنها - قالتْ: جاءتني بريرةُ) بفتحِ الباءِ الموحَّدةِ، وراءينِ بينهما مثناةٌ تحتيةٌ، مولاةٌ لعائشةَ (فقالتْ: [إني] (١) كاتبتُ) منَ المكاتبةِ وهي العقدُ بينَ السيدِ وعبدِه (أهلي) همْ ناسٌ منَ الأنصارِ كما هو عندَ النسائيِّ، (على تسعِ أواقٍ في كلِّ عامٍ أوقيةٌ، فأعينيني) بصيغةِ الأمرِ للمؤنثِ منَ الإعانةِ، (فقلتُ: إنَّ أحبَّ أهلُكِ أنْ أعدّها لهمْ ويكون ولاؤكِ (٢) لي فعلتُ، فذهبتْ بريرةُ إلى أهلِها فقالتْ لَهُمْ فأبَوا عليها فجاءتْ منْ عندهم ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ فقالتْ: إني قدْ عرضتُ ذلكَ عليهمْ فأَبَوا إلا أنْ يكونَ لهمُ الولاءُ، فسمعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتْ عائشة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: خُذِيها واشترطي لهم)، قالَ الشافعيُّ (٣) والمزنيُّ: يعني اشترطي عليهمْ، فاللَّامُ بمعنَى عَلَى، (الولاء، فإنَّما الولاءُ لمنْ أعتقَ، ففعلتْ عائشةُ، ثمَّ قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الناسِ فحمدَ اللَّهَ وأثْنَى عليهِ، ثمَّ قال: أما بعدُ: فما بالُ رجالٍ يشترطونَ شروطًا ليستْ في كتابِ اللَّهِ تعالَى، ما كانَ منْ شرطٍ ليسَ في كتابٍ اللَّهِ) أي في شرعهِ الذي كتبهُ على العبادِ، وحكمهُ أعمُّ منْ ثبوتِه بالقرآنِ أو السنةِ، (فهوَ باطلٌ وإنْ كانَ مِائةَ شرطٍ، قضاءُ اللَّهِ أحقُّ) بالاتباعِ منَ الشروطِ المخالفةِ لحكمِ اللَّهِ، (وشرطُ اللَّهِ أوثقُ، وإنَّما الولاءُ لمنْ أعتقَ. متفقٌ عليهِ، واللفظُ للبخاريِّ. وعند مسلم قال: اشتريْها وأعتقِيْها واشترطي لهمُ الولاءَ).

الحديثُ دليل على مشروعيةِ الكتابةِ، وهي عَقْدٌ بينَ السيّدِ وعبدِه على رقبتهِ، وهي مشتقةٌ منْ الكَتْبِ وهوَ الفرضُ والحكمُ كما في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (٤)، وهي مندوبةٌ. وقالَ عطاءٌ (٥) وداودُ: واجبةٌ إذا طلبَها العبدُ


= قلت: وأخرجه أبو داود (٣٩٢٩، ٣٩٣٠)، والترمذي (١٢٥٦)، والنسائي (٤٦٤٢، ٤٦٤٣)، وابن ماجه (٢٥٢١).
(١) زيادة من (ب).
(٢) المراد بالولاء هنا ولاء العتاقة، وهو ميراث يستحقه المرء بسبب عتق شخص في ملكه.
(٣) انظر: (السنن الكبرى) (١٠/ ٣٤٠) و (المعرفة) (١٤/ ٤٦٢).
(٤) سورة البقرة: الآية (١٨٣).
(٥) انظر: (صحيح البخاري مع الفتح) (٥/ ١٨٤)، (المحلَّى) لابن حزم (٩/ ٢٢٣).