للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بقدرِ قيمتهِ لظاهرِ الأمرِ في {فكَاتِبُوهُمْ} (١) وهوَ الأصلُ في الأمر.

قلتُ: إلَّا أنهُ تعالى قيَّدَ الوجوبَ بقولهِ: {فَكَاتِبُىوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} (١).

نعمْ بعدَ علمِ الخير فيهمْ تجبُ الكتابةُ، وفي تفسير الخير [أربعةٍ] (٢) أقوالٌ:

الأولُ: للسلفِ، وحديث مرفوع ومرسل عند أبي داودَ (٣) أنهُ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: (إنْ علمتمْ فيهمْ حرفةً، ولا ترسلُوهم كلًّا على الناس).

الثاني: لابنِ عباسٍ قال: (خيرًا) المالُ.

الثالثُ: عنهُ، أمانةٌ ووفاءٌ.

الرابعُ: عنهُ، إنْ علمتَ أن مكاتِبكَ يقضيْكَ. وقولُها: في كلِّ عامٍ أوقيةٌ، [و] (٤) في تقريرهِ - صلى الله عليه وسلم - لذلكَ دليل على جوازِ التنجيمِ لا علَى تحتُّمهِ وشرطِيَّتِه كما ذهبَ إليهِ الشافعيُّ والهادي وغيرُهما (٥). قالُوا: التنجيمُ في الكتابةِ شرطٌ [فأقلها] (٦) نجمانِ، واستدلُّوا برواياتٍ عن السَّلَفِ لا تنهضُ دليلًا. وذهبَ الجمهورُ، وأحمدُ، ومالكٌ على جوازِ عقدِ الكتابةِ على نجمٍ لقولهِ: {فَكَاتِبُوهُمْ} (٧) ولَمْ يفصلْ، وهوَ ظاهرٌ. والقولُ بأنه قيَّدَ إطلاقَها الآثارُ عنه السلفِ غيرُ صحيح؛ إذْ ليسَ بإجماعٍ، وتقييدُ الآياتِ بآراءِ العلماءِ باطلٌ. ودلَّ قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (خُذِيْها)، على جوازِ بيع المكاتبِ عندَ تعسُّر الإيفاءِ بمالِ [الكاتبة] (٨)، وللعلماءِ في جواز بيع المكاتبِ ثلاثةُ أَقوالٍ:

الأولُ: جوازُه، وهوَ مذهبُ أحمدَ، ومالكٍ، وحُجَّتُهم قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (المكاتبُ رقُّ ما بقيَ عليه درهمٌ). أخرجهُ أبو داود (٩)، وابن ماجهْ (١٠) من حديثِ عمروِ بن شعيبٍ عنْ أبيهِ عنْ جدِّه.


(١) سورة النور: الآية (٣٣).
(٢) في (ب): (ثلاثة) والصواب ما أثبتناه.
(٣) في (المراسيل) ص (١٦٩) رقم (١٨٥) من مرسل يحيى بن أبي كثير.
قلت: وأخرجه البيهقي من طريقه (١٠/ ٣١٧)، وأخرجه أيضًا (١٠/ ٣١٨) موقوفًا على ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في المخطوط: (و) في هذا الموضع قبل قالوا، ولا محل لها. انظر: (البحر الزخار).
(٦) في (ب): (أقله).
(٧) سورة النور: (الآية (٣٣).
(٨) في (ب): (الكتابة).
(٩) في السنن (٣٩٢٦).
(١٠) في السنن (٢٥١٩) بلفظ مختلف. وأخرجه أيضًا (٣٩٢٧)، وصحَّحه الألباني في (الإرواء) (٦/ ١١٩) رقم (١٦٧٤).