للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وألفاظ الرواياتِ التي عورضَتْ بها أولاهُنَّ لا تقاومُها. وبيانُ ذلكَ أن روايةَ أُخْرَاهُنَّ مُتَفَرِّدَةٌ لا توجدُ في شيءٍ مِنْ كتبِ الحديثِ مسندة (١)، وروايةُ السابعة بالتراب (٢) اختُلِفَ فيها فلا تقاوِمُ روايةَ أولاهُنَّ بالتراب، وروايةُ إحداهُنَّ بالحاءِ والدالِ المهملتينِ ليستْ في الأمهاتِ، [بل رواها] (٣) البزارُ (٤)، فعلى صحتها فهيَ مطلقةٌ يجبُ حَمْلُها على المقيدةِ، وروأيةُ أولاهُنَّ أو أخراهُنَّ بالتخييرِ إنْ كانَ ذلكَ مِنَ الراوي فهو شكٌّ منهُ فيرجَعُ إلى الترجيحِ، وروايةُ أولاهُنَّ أرجحُ وإنْ كانَ مِنْ كلامِهِ - صلى الله عليه وسلم - فهوَ تخييرٌ منهُ - صلى الله عليه وسلم -، ويرجِعُ إلى ترجيح أولاهُنَّ لثبوتِها فقط عندَ أحد الشيخينِ (٥) كما عرفْتَ.

وقولهُ: "إناءِ أحدِكم" الإضافةُ ملغاةٌ هنا؛ لأنَّ حُكمَ الطهارةِ والنجَاسَةِ [هنا] (٦) لا يتوقفُ على ملْكِهِ الإناءَ. وكذا قولُه: "فليغْسِلْهُ" لا يتوقفُ على أَنْ يكونَ مالكَ الإناءِ هُو الغاسِلُ، وقولهُ: وفي لفظٍ: "فَلْيُرِقْهُ" هي مِنْ ألْفاظِ رواية مسلمٍ (٧)، وهي أمرٌ بإراقَةِ الماءِ الذي وَلَغَ فيهِ الكلبُ، أو الطعام؛ وهي مِنْ أقوى الأدِلَّةِ على النجاسةِ؛ إذْ المراقُ أعمُّ من أن يكونَ ماءَ أو طعامًا، ولو كانَ طاهرًا لم يأمرْ بماراقتهِ كما عرفْتَ؛ إلا أنه نَقَلَ المصنفُ في "فتح الباري" (٨): عدمَ صحةِ هذهِ اللفظةِ عَنِ الحفاظ. وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ: لم ينقلْها أحدٌ مِنَ الحفاظِ منْ


= هريرة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا شَرِبَ الكلبُ في إناءٍ أحدكم فليغسلهُ سبعًا" واللفظ للبخاري. وزادَ ابنُ سيرينَ عنه: "أولاهُنَّ بالترابِ"، أخرجها مسلم (١/ ٢٣٤ رقم ٩١/ ٢٧٩) وغيره ولم يخرجها البخاري.
(١) قلت: أخرجها الترمذي (١/ ١٥١ رقم ٩١) كما تقدم.
(٢) أخرجه أبو داود (١/ ٥٩ رقم ٧٣)، والدارقطنيّ (١/ ٦٤ رقم ٧) وقال: صحيح.
وقال الألباني في "الإرواء" (١/ ١٨٩): ولكنه شاذٌّ، والأرجح الرواية: "الأولى بالتراب".
(٣) في النسخة (أ): "ورواها".
(٤) (١/ ١٤٥ رقم ٢٧٧ "كشف الأستار")، وقال: "هو في "الصحيح" خلا قولِهِ: "إحداهنَّ"، لم يروه هكذا إلا يونس". اهـ.
وقال الهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٨٧): "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار".
(٥) قلت: ثبتتْ عند مسلم كما تقدم.
(٦) زيادة من النسخة (أ).
(٧) في "صحيحه" (١/ ٢٣٤ رقم ٨٩/ ٢٧٩) كما تقدم.
(٨) (١/ ٢٧٥).