للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عطفٌ على ضمير المفعولِ في ردِّها على تقديرِ ويعطي (منْ تمرٍ. متفقٌ عليهِ. ولمسلم)، أي عن أبي هريرة: (فهو بالخيار ثلاثة أيام. وفي رواية له علَّقها البخاري: وردَّ معها صاعًا منْ طعامٍ لا سمراءَ. قالَ البخاريُّ: والتمرُ أكثرُ).

أصلُ التصريةِ: حَبْسُ الماءِ، يقالُ: صريتُ الماءَ إذا حبسْتُهُ. وقالَ الشافعي (١): [هيَ] (٢) ربطُ أخلافِ الناقةِ أو الشاةِ وتركُ حلبها حئى يجتمعَ لبنُها، فيكثرُ فيظنُّ المشتري أنَّ ذلكَ عادتُها، ولم يذكرْ في الحديثِ البقر، والحكمُ واحدٌ. [والحديثِ] (٣) نَهَى عن التصريةِ للحيوانِ إذا أُريدَ بيعُه، لأنهُ قدْ وردَ تقييدُه في روايةِ النسائيِّ (٤) بلفظ: "لا تصرُوا الإبلَ والغنمَ للبيعِ"، وفي روايةٍ (٥) لهُ: "إذا باعَ أحدُكم الشاةَ أو اللقحةَ فَلْيحْلِبْها، وهذا هوَ الراجحُ عندَ الجمهورِ، ويدلُّ عليهِ التعليلُ بالتدليسِ والغرر كذا قيلَ، إلَّا أني لم أرَ التعليلَ بهما منصوصًا. وأما التصريةُ لا للبيعِ بلْ ليجتمعَ الحليبُ لنفعِ المالكِ فهوَ وإنْ كانَ فيهِ إيذاءٌ للحيوانِ إلَّا أنهُ ليسَ فيهِ إضرارٌ فيجوزُ، وظاهرُ الحديثِ أنهُ لا يثبتُ الخيارُ إلا بعدَ الحلبِ، ولو ظهرتِ التصريةُ بغيرِ حلْبٍ فالخيارُ ثابتٌ، وثبوتُ الخيارِ قاضٍ بصحةِ بيعِ المصرَّاةِ.

وفي الحديث دليلٌ على أن الردَّ بالتصرية فوريٌّ، لأنَّ الفاءَ في قولهِ: فهوَ بخيرِ النظرين تدلُّ على التعقيبِ منْ غيرِ تراخٍ. وإليهِ ذهبَ بعضُ الشافعيةِ (٦). وذهبَ الأكثرُ إلى أنهُ على التراخي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلهُ الخيارُ ثلاثًا". وأجيبَ منْ طرفِ (٧) القائلِ بالفورِ أن ذلكَ محمولٌ على ما إذا لم يعلمْ أنَّها مصراةٌ إلا في الثالثِ، لأنَّ الغالبَ أنَّها لا تُعْلَمُ في أقلَّ منْ ذلكَ لجوازِ النقصانِ باختلافِ العلفِ ونحوهِ، ولأنَّ في روايةِ أحمدَ (٨) والطحاويِّ (٩): "فهوَ بأحدِ النظرينِ بالخيارِ إلى أنْ يحوزَها [أو يردَّها] (١٠) ". وأما ابتداءُ الثلاثِ ففيهِ خلافٌ، قيلَ:


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٣٦٢).
(٢) في (أ): "هو".
(٣) في (ب): "لحديث".
(٤) في "السنن" (٤٤٨٧).
(٥) في "سنن النسائي" (٤٤٨٦).
(٦) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٣٦٢).
(٧) في المخطوط "طريق" وما أثبتناه في المطبوع وهو أولى.
(٨) في "المسند" (٢/ ٢٤٢) بلفظ: "فهو بخير النظرين إن شاء أمسكها وإن شاء ردَّها … ".
(٩) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٧) بلفظ: "فهو بخير النظرين بين أن يختارها وبين أن يردَّها … ".
(١٠) زيادة من (جـ).