للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جزءٍ منَ المبيعِ فيمتنعُ الردُّ، وإنْ كانَ حادثًا عندَ المشتري فهوَ غيرُ مضمونٍ. وأُجِيْبَ أولًا: بأنَّ الحديث أصلٌ مُسْتَقِلٌ برأسهِ لا يقالُ إنهُ خالفَ قياسَ الأصولِ (١).

وثانيًا: بأنَّ النقصَ إنما يمنعُ الردَّ إذا لمْ يَكُنْ لاستعلامِ العيْبِ، وهُو هُنَا لاستعلامِ العيبِ فلا يُمنع.

والثانيةُ: منْ حيثُ إنهُ جعلَ الخيارَ فيهِ ثلاثًا معَ أن خيارَ العيبِ، وخيارَ المجلسِ، وخيارَ الرؤيةِ، لا يقدرُ شيءٌ منها بالثلاثِ. وأجيبَ بأنَّ المصرَّاةَ انفردتْ بالمدَّةِ المذكورة، لأنهُ لا يتبينُ حكمُ التصريةِ في الأغلبِ إلَا بها بخلافِ غيرِها.

والثالثةُ: [من حيث] (٢) إنَّهُ يلزمُ ضمانُ الأعيانِ معَ بقائِها حيثُ كانَ اللبنُ موجودًا. وأُجِيبَ عنهُ بأنهُ غيرُ موجودٍ متميزٍ لأنهُ مختلطٌ باللبنِ الحادثِ فقدْ تعذَّرَ ردُّه بعينهِ بسببِ الاختلاطِ فيكونُ مثلَ ضمانِ العبدِ المغصوبِ الآبقِ.

والرابعةُ: إنَّهُ يلزمُ إثبات الرد بغير عيب، لأنه لو كان نقصانُ اللبن عيبًا لثبت به الرد من دون تصرية، ولا اشتراط لأنه لم يشترط الردَّ. وأجيبَ بأنه في حكم خيار الشرط منْ حيثُ المعنَى؛ فإنَّ المشتري لما رَأَى ضِرعَها مملوءًا فكأنَّ البائعَ شرطَ لهُ أنَّ ذلكَ عادةٌ لها، وقد ثبتَ لهذا نظائرُ مثلُ ما تقدَّمَ في تلقي الجلوبةِ. وإذا تقرَّرَ عندكَ ضعفُ القولينِ الآخريْنِ علمتَ أن الحقَّ (٣) هوَ الأَوَّلُ، وعرفتَ أن الحديثَ أصلٌ (٤) في النَّهي عن الغشِّ، وفي ثبوتِ الخيارِ لمنْ دلَّسَ عليهِ، وفي أنَّ التدليسَ لا يفسدُ أصلَ العقدِ، وفي تحريمِ التصريةِ للمبيعِ وثبوتِ الخيارِ بها. وقدْ أخرجَ أحمدُ (٥)، وابنُ ماجهْ (٦) منْ حديثِ ابن مسعودٍ مرفوعًا: "بيعُ المحفلاتِ خِلابةٌ، ولا تحلُّ الخلابةُ، لمسلمٍ"، وفي إسنادهِ ضعفٌ، ورواه ابنُ أبي شيبةَ


(١) الحديث أصل والقياس فرع، فكيف يرد الفرعُ الأصلَ؟
(٢) زيادة من (أ).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٣٦٦، ٣٦٧).
(٤) كما قال ابن عبد البر، انظر: "الفتح" (٤/ ٣٦٧).
(٥) في "المسند" (١/ ٤٣٣).
(٦) في "سننه" (٢٢٤١).
قلت: وأخرجه البيهقي (٥/ ٣١٧)، وابن أبي شيبة (٦/ ٢١٦ رقم ٨٥٩).
وضعَّفه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٣٦٧)، والألباني في "ضعيف ابن ماجه" (ص ١٧٢ رقم ٤٨٧/ ٢٢٤١).