للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظَهْر، ولا لَبَنٌ في ضرْعٍ. رواهُ الطبرانيُّ في الأوسطِ، والدارقطني، ورجَّحه البيهقي (١)، وأخرجَهُ أبو داودَ في المراسيلِ لعكرمةَ)، وهوَ الراجحُ. (وأخرجَه أيضًا موقوفًا علي ابن عباسٍ بإسنادٍ قويٍّ، ورجَّحهُ البيهقيُّ). اشتملَ الحديثُ على ثلاثِ مسائلَ:

الأُوْلَى: [النَّهْيُ] (٢) عنْ بيعِ الثمرةِ حتَّى يبدوَ صلاحُها ويطيبَ أكلُها، ويأتي (٣) الكلامُ في ذلكَ.

والثانية: النَّهيُ عنْ بيعِ الصوفِ على الظهرِ، وفيهِ قولانِ للعلماءِ، الأولُ: أنهُ لا يصحُّ عملًا بالحديثِ، ولأنهُ يقعُ الاختلافُ في موضع القطعِ منَ الحيوانِ، فيقعُ الإضرارُ بهِ وهذا قولُ الهادويةِ (٤)، والشافعيةِ (٥)، وأبي حنيفةَ (٦). والقولُ الثاني: أنهُ يصحُّ البيعُ لأنهُ مشاهدٌ يمكن تسليمهُ، فيصحُّ كما [يصح] (٧) منَ المذبوحِ، وهذا قولُ مالكٍ ومَنْ وافَقَه قالوا: والحديثُ موقوفٌ على ابن عباسٍ، والقولُ الأولُ أظَهرُ. والحديثُ قد تعاضدَ فيهِ المرسلُ والموقوفُ. وقدْ صحَّ النَّهيُ عن الغررِ، والغررُ حاصلٌ فيهِ.

والثالثةُ: النَّهْيُ عنْ بيعِ اللبنِ في الضرعِ لما فيهِ منَ الغررِ. وذهبَ سعيدُ بنُ جبيرٍ إلى جوازِه، قالَ: لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - سمَّى الضرعَ خزانةً في قولهِ فيمنْ يحلبُ شاةَ أخيهِ بغيرِ إذْنِهِ: "يعمدُ أحدُكم إلى خزانةِ أخيه [فيأخذ] (٨) ما فيها" (٩)، وأجيبَ بأن تسميتَه خزانةٌ مجازٌ، ولَئِنْ سلم فَبَيْعُ ما في الخزانةِ بيعُ غررٍ ولا يدرى بكميتهِ وكيفيتِه.


(١) كذا في المخطوط وهي سبق نظر كما هو واضح.
(٢) ليست في المخطوط (أ) وسياق الكلام يقتضيها وهي في المطبوع والمخطوط (ب).
(٣) انظر: الحديث رقم (٣/ ٨٠٢، ٤/ ٨٠٣، ٥/ ٨٠٤) من كتابنا هذا.
(٤) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٣٢١، ٣٢٢).
(٥) انظر: "المجموع" (٩/ ٣٢٧) في (ب) الشافعيُّ.
(٦) انظر: "بدائع الصنائع" (٥/ ١٤٨).
(٧) في (ب): "صحَّ".
(٨) في (ب): "ويأخذ".
(٩) أخرجه البخاري (٢٤٣٥)، ومسلم (١٧٢٦)، وأبو داود (٢٦٢٣)، وابن ماجه (٢٣٠٢) من حديث عبد الله بن عمر. ولفظه: "لا يحلبن أحد ماشية امرئٍ بغير إذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه؟ فإنما تخزن لهم ضروع ماشيتهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه".