للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عندَ الهادِوية وأبي حنيفةَ (١)، إذ ما تردَّد بين صحَّة وفساد حمل على الصحَّةِ؛ إذْ هيَ الظاهرُ إلَّا أنْ يجري عُرْفٌ ببقائِه مدةً مجهولةً فسد، وأفادَ نَهْيُ البائعِ والمبتاعِ، أما البائعُ فَلِئَلَّا يأكلَ مالَ أخيهِ بالباطلِ، وأما المشتري فلئلَّا يضيعَ مالُه. والعاهةُ هي الآفةُ التي تصيبُ الثمارَ، وقدْ بيَّنَ ذلكَ حديثُ زيدِ بن ثابتٍ (٢) قالَ: "كانَ الناسُ في عهدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يبتاعونَ الثمارَ فإذا جدَّ الناسُ وحضرَ تقاضِيْهمْ قالَ المبتاعُ: إنهُ أصابَ الثمرُ الدُّمانَ وهوَ فسادُ الطَّلْعِ وسوادُه مراض (٣) قشامٍ عاهاتٌ يحتجونَ بها، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما كثرتْ عندَه الخصومةُ في ذلكَ: فأمَّا لا فلا تَبْتَاعُوا حتَّى يبدُوَ صلاحُ الثمرةِ، كالمشورةِ يشيرُ بها لكثرةِ خصوماتِهم" انتَهى. وأَفْهَمَ قولُه كالمشورةِ أن النَّهْيَ للتنزيهِ لا للتحريمِ، كأنهُ فَهِمَه منَ السياقِ وإلَّا فأصْلُه التحريمُ، وكانَ زيدُ (٤) لا يبيعُ ثمارَ أرضِه حتَّى تطلعَ الثُرَيَّا فيتبينُ الأصفرُ منَ الأحمر. وأخرجَ أبو داودَ (٥) منْ حديث أبي هريرةَ مرفوعًا: "إذا طلعَ النَّجْمُ صباحًا رُفِعَتِ العاهةُ عن كلِّ بلدٍ". والنجمُ الثُّريَّا، والمرادُ طلوعُها صباحًا، وهوَ في أولِ فصلِ الصيفِ، وذلكَ عندَ اشتدادِ الحرِّ [في] (٦) بلادِ الحجازِ، وابتداءِ نُضْجِ الثمارِ وهوَ المعتبرُ حقيقةً، وطلوعُ الثريا علامةٌ.


= والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال: "بعت من النبي صلى الله عليه وسلم ناقة وشرط لي حملانها إلى المدينة" البيع جائز والشرط جائز.
قال الهيثمي: وفيه يحيى بن صالح الأيلي، قال الذهبي: روى عنه يحيى بن بكير مناكير.
قلت: ولم أجد لغير الذهبي فيه كلامًا وبقية رجاله رجال الصحيح.
(١) انظر: "بدائع الصنائع" (٥/ ١٧٣).
(٢) أخرجه البخاري معلقًا (٢١٩٣)، وأخرجه موصولًا: أبو داود (٣٣٧٢) والطحاوي (٤/ ٢٨)، والبيهقي (٥/ ٣٠١، ٣٠٢) وقد صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٢٨٨٣).
(٣) كذا في المخطوط والمطبوع، وفي رواية البخاري " … إنه أصاب الثمر الدُّمان، أصابه مرض، أصابه قُشام - عاهات يحتجون بها - فقال: … ".
(٤) هذا من تتمة الرواية السابقة.
(٥) كذا عزاه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٣٩٥)، وهو في "المسند" (٢/ ٣٤١، ٣٨٨). وضعَّفه العلَّامة الألباني في الضعيفة (٣٩٧).
(٦) زيادة من (أ).