للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا كانَ قدْ قبضَ بعضَ الثمنِ فليسَ له حقٌّ في استرجاعِ المبيعِ، بلْ يكونُ أسوةَ الغرماءِ، وبهذَا أخذَ جمهورُ العلماءِ. وعندَ الهادويةِ (١)، وهوَ راجحُ قول الشافعيِّ (٢) أنهُ لا يصيرُ المبيع بقبضِ بعض ثمنهِ أسوةَ الغرماءِ بلِ البائعُ أَوْلَى به، وكأنَّ الشافعيَّ ذهبَ إلى هذا لأنهُ لم يصحَّ له الحديثُ (٣) المذكور، بلْ قالَ: إنهُ منقطعٌ، فمنْ قالَ بصحةِ الحديثِ وأنهُ موصولٌ قالَ بما قالهُ الجمهورُ، ومَنْ لا فلا. وفي وصْلِه وعدَمِه خِلافٌ منعهم مَنْ رجَّحَ إرسالَهُ، وهمْ أكثرُ الحفاظِ.

المسألةُ الرابعةُ: قولُه: "فإنْ ماتَ المشتري فصاحبُ المتاعِ أسوةُ الغرماءِ"، فيه حذفٌ تقديرُه فمتاعُ صاحبِ المتاعِ أسوةُ الغرماءِ، وهذَا [دل] (٤) علَى التفرقةِ بينَ الموتِ والإفلاسِ، وإلى التفرقةِ بينَهما ذهبَ مالكٌ (٥)، وأحمدُ (٥) عملًا بهذهِ الروايةِ. قالُوا: ولأنَّ الميتَ بَرئَتْ ذِمَّتُه، وليسَ للغرماءِ محلٌّ يرجعونَ إليهِ فاسْتَوَوْا في ذلكَ، بخلافِ المفلسِ، وسواءٌ خَلَّفَ الميتُ وفاءً أوْ لا، وذهبتِ الهادويةُ (٦) إلى أنهُ إذا خَلَّفَ وفاءَ فليسَ البائعُ أَوْلَى بمتاعه بلْ يسلَّمُ الورثةُ الثَّمنَ منَ [تركته] (٧)، وحجَّتُهم أنهُ قدْ وردَ في حديثِ أبي بكر بن عبدِ الرحمنِ زيادةُ لفظِ (٨): "إلا إنْ تركَ صاحبه وفاءً"، لكنْ قالَ الشافعيُّ (٩): يحتملُ أن الزيادةَ منْ [رأْي] أبي بكر بن عبدِ الرحمنِ، وقرينةُ الاحتمالِ أنّ الذينَ وصلُوهُ عنهُ لم يذكرُوا


(١) انظر: "الاعتصام بحبل اللَّهِ المتين" (٤/ ٥٠٧).
(٢) انظر: الأم (٣/ ٢٠٩).
(٣) انظر: "الأم" (٣/ ٢١٩)، و "المعرفة" (٨/ ٢٤٩).
(٤) في (ب): "دال".
(٥) انظر: "المغني" (٤/ ٥٢٦) و "فتح الباري" (٥/ ٦٤).
(٦) انظر: "الاعتصام بحبل اللَّهِ المتين" (٤/ ٥٠٦).
(٧) في (ب): "التركة".
(٨) ذكر هذه الزيادة الحافظ في "الفتح" (٥/ ٦٤) ونسبها البيهقي في "المعرفة" (٨/ ٢٤٨) للطيالسي وهي في "منحة المعبود" (١/ ٢٧٥)، وليست من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن كما أوهم لفظ الشارح.
(٩) انظر: "معرفة السنن والآثار" (٨/ ٢٥٠)، والزيادة التي عناها الشافعي هي: "فإن مات المشتري فصاحب السلعة أسوة الغرماء".