للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصنف رحمه اللهُ هنا، وروايته عن أبي داود، وتضعيف رواية عمر بن خلدة فَلْيُنْظَرْ.

هذا الحديثُ اشتملَ على مسائلَ:

الأولى: أنهُ إذا وجدَ البائغ متاعَهُ عندَ مَنْ شراهُ منهُ، وقدْ أفلسَ، فإنهُ أحقُّ بمتاعِه منْ سائرِ الغرماءِ، فيأخذُه إذا كانَ لهُ غرماءُ، وعمومُ قولِه: منْ أدركَ مالَه، يعمُّ مَنْ كانَ لهُ مالٌ عندَ الآخرِ بقرضٍ أو بيعٍ، وإنْ كانَ قدْ وردتْ أحاديثُ مصرَّحة بلفظِ البيعِ، فقدْ أخرجَ ابن خزيمةَ، وابنُ حبانَ (١) وغيرُهما الحديثَ بلفظِ: "إذا ابتاعَ الرجلُ سلعة ثمَّ أفلسَ وهي عندَه بعينها فهوَ أحقُّ بها منَ الغرماءِ"، فقدْ عرفَ في الأصولِ أن الخاصَّ الموافقَ للعامِّ لا يخصِّصُ العامَّ (٢) إلا عندَ أبي ثورٍ (٣)، وقدْ زَّيفُوا ما ذهبَ إليهِ منْ ذلكَ، ولذلكَ ذهبَ الشافعيُّ (٤) وآخرونَ إلى أن المقرضَ أَوْلى بمالهِ في القرضِ، كما أنهُ أَوْلَى بهِ في البيعِ، وذهبَ غيرُه إلى أنهُ يختصُّ ذلكَ بالبيعِ [لتصريحه] (٥) بهِ في أحاديثِ البابِ، لكنْ قدْ عرفْتَ أن ذلكَ لا يخص عمومَ حديثِ البابِ.

المسألةُ الثانيةُ: أفادَ قولُه بعينِه أنهُ إذا وُجِدَ وقد تغيَّر بصفةٍ منَ الصفاتِ، أو بزيادةٍ، أو نقصانٍ، فإنهُ ليسَ صاحبُه أَوْلَى بهِ بلْ يكونُ أسوةَ الغرماءِ. وقدِ اختلفَ العلماءُ في ذلكَ، فذهبتِ الهادويةُ (٦)، والشافعي (٧) أنهُ إذا تغيرتْ صفتُه بعيبٍ فللبائعِ أخذُه، ولا أرْشَ لهُ، وإن تغيَّرَ بزيادةٍ كانَ للمشتري غرامةُ تلكَ الزيادةِ وهيَ ما أنفقَ عليهِ حتَّى حصلتْ، وكذلكَ الفوائدُ للمشتري، ولو كانتْ متصلةً لأنَّها إنَّا حدثَتْ في ملكِه، ويلزمُ له قيمةُ ما لا حدَّ لبقائهِ كالشجرةِ إذا غرسَها، وإبقاءِ مالَه حدٌّ بلا أُجرةٍ كالزرعِ، وكذلكَ إذا نقصتِ العين بأن هلك بعضها، فلهُ أخذُ الباقي بحصتهِ منَ الثمنِ. والحديثُ يتناولُه لأنَّ الباقي مبيعٌ بعينهِ.

المسألةُ الثالثةُ: دلَّ لفظُ حديث أبي بكر بن عبدِ الرحمنِ المرسلُ أن البائعَ


(١) في "صحيحه" (١١/ ٤١٤ رقم ٥٠٣٧).
(٢) لأنَّه لا تنافي بين العمل بالخاص وإجراء العام على عمومه.
(٣) انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٢/ ٣٥٩).
(٤) انظر: "الأم" (٣/ ٢٠٣).
(٥) في (ب): "للتصريح".
(٦) انظر: "الاعتصام بحبل اللَّهِ المتين" (٤/ ٥٠٧).
(٧) انظر: "الأم" (٣/ ٢٠٧ وما بعدها).