للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يباعُ عنهُ بلْ يجبُ حبسهُ حتَّى يقضي دينَه لحديثِ (١): "إنهُ لا يحلُّ مالُ امرئٍ مسلمٍ إلا بطيبةٍ منْ نفسهِ"، ولقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} (٢). ومقْتَضَى الحجْر والبيعِ إخراجُ المالِ منْ غيرِ طيبةٍ منْ نفسه ولا رِضًا.

والجوابُ عنهُ بأنَّ الحديثَ والآيةَ عامَّانِ خُصِّصَا بحديثِ معاذٍ لا يتمُّ؛ لأنَّ حديثَ معاذٍ ليسَ إلا في المستغرِقِ مالَه بِدَينْهِ، والكلامُ في غيرهِ، وهوَ الواجدُ الماطلُ، فالأَوْلَى أنْ يُقَالَ إنهما خُصِّصَا بقياسِ الماطلِ الواجدِ على من [يستغرق] (٣) دَيْنُه مالَه، إلا أنهُ لا يخْفَى عدمُ نهوضِ القياسِ. نعمْ في حديثِ (٤): "ليُّ الواجدِ يحلُّ عرضُه وعقوبتُه" دليلٌ على أنهُ يُحْجَرُ عليهِ، ويباعُ عنهُ مالُه، فإنه داخلٌ تحتَ مفهومِ العقوبةِ، وتفسيرُها بالحبْسِ فقطْ مجردُ رأي مِنْ قائلِه. هذا وقدْ حكمَ عمرُ - رضي الله عنه - في أسيفعِ جهينةَ كحكمِه - صلى الله عليه وسلم - في معاذٍ، فأخرجَ مالًا في "الموطأ" (٥) بسندٍ منقطعٍ، ورواهُ الدارقطني (٦) في غرائبِ مالكٍ بإسنادٍ متصلٍ: "أن رجلًا منْ جُهينةَ كانَ يشتري الرواحلَ، فيغالي فيها، فيسرعُ المسيرَ فيسبقُ الحاجَّ،


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٧٢)، والدارقطني (٣/ ٢٦ رقم ٩٢)، والبيهقي (٦/ ١٠٠) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أبي حرة الرقاشي عن عمه مرفوعًا، وعلي فيه ضعيف.
وأخرجه أيضًا أحمد (٣/ ٤٢٣)، والدارقطني (٣/ ٢٥، ٢٦، رقم ٨٩، ٩٠)، والبيهقي (٦/ ٩٧) من حديث عمرو بن يثربي مرفوعًا.
وفي الباب من حديث أبي حميد الساعدي أخرجه أحمد (٥/ ٤٢٥)، والبيهقي (٦/ ١٠٠)، وابن حبان (١٣/ ٣١٦ رقم ٥٩٧٨ "الإحسان"). ومن حديث ابن عباس أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٥ رقم ٨٧) وضعَّفه الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٤٦). ومن حديث ابن عمر بلفظ: "لا يحلبنَّ أحد ماشية أحد بغير إذنه"، وهو متفق عليه وتقدم أثناء شرح حديث رقم (٤٢/ ٧٧٧) من كتابنا هذا. ومن حديث أنس أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٦ رقم ٩١) وضعفه الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٤٦). ومن حديث عبد اللهِ بن مسعود أخرجه الدارقطني (٣/ ٢٦ رقم ٩٤)، وأخرجه البزار كما ذكر الحافظ في "التلخيص" وقال: حديث أبي حميد أصح ما في الباب. اهـ، يعني سوى حديث ابن عمر المتفق عليه.
(٢) سورة النساء: الآية ٢٩.
(٣) في (ب): "استغرق".
(٤) تقدم تخريجه برقم (٢/ ٨١٦) من كتابنا هذا.
(٥) (٢/ ٧٧٠ رقم ٨).
وأخرجه البيهقي (٦/ ٤٩) وإسناده ضعيف، ضعَّفه الألباني في "الإرواء" (٥/ ٢٦٢ رقم ١٤٣٦).
(٦) انظر: "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر (٣/ ٤١).