للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقولُه: ينتظرُ بها، دالٌّ أنها لا تَبْطُلُ شفعةُ الغائبِ وإنْ تَرَاخَى، وأنهُ لا يجبُ عليهِ السيرُ حينَ بلغه الشراءُ لأجلِها. وأما الحديثُ الآتي:

٥/ ٨٥٢ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: قالَ: "الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ"، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (١)، وَالْبَزَّارُ، وَزَادَ: "وَلَا شُفْعَةَ لِغَائِبٍ"، وَإسْنَادُهُ ضعِيفٌ (٢). [ضعيف جدًّا]

وهوَ قولُه: (وعنِ ابن عمرَ - رضي الله عنه - الشفعةُ كحلِّ عقالٍ. رواهُ ابن ماجهْ، والبزارُ. وزادَ: ولا شفعةَ لغائبٍ، وإسنادُه ضعيفٌ) فإنه لا تقومُ بهِ حجةٌ لِمَا ستعرفَهُ، ولفظُه منْ روايتِهِما: "لا شفعةَ لغائب، ولا لصغيرِ، والشفعةُ كحلِّ عقالٍ". وضعَّفَه البزارُ، وقالَ ابنُ حبانَ (٣): لَا أصلَ لهُ. وقالَ أبو زرعةَ (٣): منكرٌ. وقالَ البيهقيَّ (٣)؛ ليسَ بثابتٍ. وفي معناهُ أحاديثُ كلُّها لا أصلَ لها.

اختلفَ الفقهاءُ في ذلكَ، فعندَ الهادويةِ (٤)، والشافعيةِ (٥)، والحنابلة (٦) أنَّها على الفورِ ولهم تقاديرُ في زمانِ [الفورية] (٧) لا دليلَ على شيءٍ منها، ولا شكَّ أنهُ إذا كانَ وجْهُ شرعيَّتِها دفعَ الضررِ فإنّهُ يناسبُ الفوريةَ لأنهُ يقالُ: كيفَ يبالغُ في دفعِ ضررِ الشفيعِ، ويبالغُ في ضررِ المشتري ببقاءِ مشتراهُ مُعَلَّقًا، إلَّا أنهُ لا يكْفِي هذا القَدْرُ في إثباتِ حكمٍ، والأصلُ عدمُ اشتراطِ الفوريةِ، وإثباتُها يحتاجُ إلى دليلٍ، ولا دليلَ. وقدْ عَقَدَ البيهقيُّ بابًا في "السنن الكبرى" (٨) لألفاظِ منكرةِ يذكرُها بعضُ الفقهاءِ، وعدَّ منْها الشفعةَ كحلِّ عقالٍ، ولا شفعةَ لصبيٍّ ولا لغائبٍ، والشفعةُ لا ترثُ ولا تُورثُ، والصبيُّ على شفعته حتَّى يُدْرِكَ، ولا شفعةَ لنصرانيٍّ، ولا لليهوديِّ ولا للنصرانيِّ شفعةٌ، فعدَّ منْها حديثَ الكتابِ.


(١) في "سننه" (٢/ ٨٣٥ رقم ٢٥٠٠).
قلت: وأخرجه البيهقي (٦/ ١٠٨)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٦/ ٥٦ - ٥٧) وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن البيلماني قال عنه البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث، انظر: "الكامل" لابن عدي (٦/ ٢١٨٧ - ٢١٨٩)، و"تهذيب التهذيب" (٩/ ٢٦١ رقم ٤٨٩)، فهو حديث ضعيف جدًّا كما قاله الألباني في "الإرواء" (٥/ ٣٧٩ رقم ١٥٤٢).
(٢) قال المصنف في "التلخيص" (٣/ ٥٦): وإسناده ضعيف جدًّا. اهـ.
(٣) انظر: "التلخيص" (٣/ ٥٦)، و"العلل" لابن أبي حاتم (١/ ٤٧٩).
(٤) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ١٣).
(٥) انظر: "الأم" (٤/ ٣).
(٦) انظر: "المغني" (٥/ ٤٨٥).
(٧) في (ب): "الفور".
(٨) (٦/ ١٠٨).