للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ رجلٍ منَ الصحابةِ، قالَ: غزوتُ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسمعتُه يقول: الناسُ شركاءُ في ثلاثةٍ: الكلأ) مهموزٌ ومقصورٌ، (والماءِ، والنارِ. رواهُ أحمدُ، وأبو داودَ، ورجالُه ثِقاتٌ)، ورواه ابنُ ماجهْ من حديثِ أبي هريرةَ مرفُوعًا: "ثلاثٌ لا يُمْنَعْنَ: الكلأُ والماءُ والنارُ" وإسنادُه صحيحٌ. وفي البابِ رواياتٌ كثيرةٌ لا تخلُو منْ مقالٍ، ولكنَّ الكُلَّ ينهضُ على الحُجِّيَّةِ، ويدلُّ للماءِ بخصوصِه أحاديثُ في مسلمٍ (١) وغيرِه، والكلأُ النباتُ رَطْبًا كانَ أو يابِسًا، وأما الحشيشُ والهشيمُ فمختصٌّ باليابسِ، وأما الخلا: مقصورٌ غيرُ مهموزٍ فيختصُّ بالرطبِ ومثلُه العشبُ. والحديثُ دليلٌ على عدمِ اختصاصِ أحدٍ منَ الناسِ بأحدِ الثلاثةِ، وهوَ إجماعٌ في الكلأ في الأرضِ المباحةِ والجبالِ التي لم يحرزْها أحدٌ؛ فإنه لا يُمْنَعُ منْ أخذِ كَلَئِها أحدٌ إلا ما حماهُ الإمامُ كما سلفَ. وأما النابتُ في الأرضِ المملوكةِ والمتحجرةِ ففيهِ خلافٌ بينَ العلماءِ، فعندَ الهادويةِ (٢) وغيرهم أن ذلكَ مباحٌ أيضًا، وعمومُ الحديثِ دليلٌ لهم.

وأما النارُ فاخْتُلِفَ في المرادِ بها فقيلَ أُرِيدُ بها الحطبُ الذي يحطبهُ الناسُ، وقيلَ أريدَ بها الاستِصْباحُ منْها والاستضاءةُ بضوئِها، وقيلَ الحجارةُ التي تُورَى فيها النارُ إذا كانتْ في مواتٍ، والأقربُ أنهُ أريدَ بها النارُ حقيقةً، فإنْ كانتْ منْ حَطبٍ مملوكٍ فقيلَ حكْمُها حكمُ أصله، وقيلَ يحتملُ أنهُ يأتِي فيها


= قلت: وأخرجه بنفس اللفظ البيهقي (٦/ ١٥٠)، وباللفظ الشاذ أبو عبيد في كتاب "الأموال" (ص ٢٧١ رقم ٧٢٩)، تفرد بها يزيد بن هارون كما بينه الألباني في "الإرواء" (٦/ ٧ - ٨) وصحَّح الحديث باللفظ الأول، وفي الباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: "ثلاث لا يمنعن الماء والكلأ والنار" أخرجه ابن ماجه (٢٤٧٣)، وقد صحَّح إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ٥٥ رقم ٨٧٥)، وصحَّحه أيضًا الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٦٥)، والألباني في "الإرواء" (٦/ ٨ - ٩) وفي الباب أيضًا من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أخرجه الطبراني وزاد: "والملح"، كما قال الحافظ في "التلخيص" (٣/ ٦٥) وحسَّن إسناده. ومن حديث ابن عباس وبهيسة عن أبيها وعائشة وأنس وعبد اللَّهِ بن سرجس - رضي الله عنهم - وأسانيدها لا تخلو من مقال.
(١) في "صحيحه" (٣/ ١١٩٧ رقم ١٥٦٥) بلفظ: "نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء" قلت: وتقدم تخريجه برقم (١٣/ ٧٤٨) من كتابنا هذا.
(٢) انظر: "البحر الزخار" (٤/ ٧٥).