للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناسُ يكتبُ بعضهم إلى بعض في المهماتِ منَ الدّينياتِ والدُّنْيَوياتِ، ويعملونَ بها، وعليهِ العملُ بالوجادةِ (١)، كلُّ ذلكَ منْ دونِ إشهادٍ. والحديثُ دليل على الإيصاءِ بشيءٍ يتعلَّقُ بالحقوقِ ونحوِها لقولِه: "لهُ شيءٌ يريدُ أنْ يوصِي فيه". وأما كَتْبُ الشهادتينِ ونحوهِما مما جرتْ بهِ عادةُ الناسِ فلا يُعْرَفُ فيهِ حديثٌ مرفوعٌ وإنَّما أخرجَ عبدُ الرزاقِ (٢) بسندٍ صحيحٍ عنْ أنسٍ موقُوفًا قالَ: كانُوا يكتبونَ في صدورِ وَصَاياهُم: بسمِ اللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ، هذَا ما أَوْصَى بهِ فلانُ بنُ فلانٍ أنهُ يشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنَّ اللَّهَ يبعثُ مَنْ في القبورِ، وأوْصَى مَنْ تَرَكَ منْ أهلِهِ أنْ يتَّقُوا اللَّهِ، ويصلِحُوا ذاتَ بَيْنِهِم، ويطيعُوا اللَّهَ ورسولَه إنْ كانُوا مؤمنينَ، وأوصاهمُ بما أَوْصَى بهِ إبراهيمُ بنيهِ ويعقوبُ: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (٣)، وضميرُ كانُوا عائد إلى الصحابةِ إذِ المخبرُ صحابيٌّ. واختلفَ العلماءُ هلْ أَوْصَى رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أوْ لمْ يوصِ لاختلافِ الرواياتِ في ذلكَ؟ ففي البخاريِّ (٤) عن ابن أبي أَوْفَى أنهُ لم يوصِ قالُوا: لأنهُ لم يتركْ بعده مالًا. وأمَّا الأرضُ فقدْ كانَ سَبَّلها، وأما السلاحُ والبغلةُ فقدْ كانَ أخبرَ أنَّها لا تُورَّثُ، كذا ذكرهُ النوويُّ (٥). وفي "المغازي" (٦) لابنِ إسحاقَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - لم يوصِ


= ٢٨٠٤، ٢٩٤١، ٢٩٧٨، ٣١٧٤، ٤٥٥٣، ٥٩٨٠، ٦٢٦٠، ٧١٩٦، ٧٥٤١)، ومسلم (١٧٧٣).
(١) الوجادة: هي أن يقف على أحاديث بخط راويها - لا يرويها الواجد - فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتابه بخطه حدثنا فلان، ويسوق الإسناد والمتن، أو قرأت بخط فلان عن فلان، هذا الذي استمر عليه العمل قديمًا وحديثًا. انظر: "تدريب الراوي شرح تقريب النواوي" للسيوطي (٢/ ٦١).
(٢) في "المصنف" (٩/ ٥٣ رقم ١٦٣١٩).
وأخرجه الدارمي (٢/ ٤٠٤)، والبيهقي (٦/ ٢٨٧) وإسناده صحيح، صحَّحه الألباني في "الإرواء" (٦/ ٨٤ رقم ١٦٤٧).
(٣) سورة البقرة: الآية ١٣٢.
(٤) في "صحيحه" (٢٧٤٠)، وأطرافه في (٤٤٦٠، ٥٠٢٢).
وأخرجه مسلم (١٦٣٤)، والترمذي (٢١١٩)، والنسائي (٦/ ٢٤٠).
(٥) انظر: "شرح مسلم" (١١/ ٨٨).
(٦) عزاه إليه الحافظ في "الفتح" (٥/ ٣٦٢) قال: رواية يونس بن بكير عنه - أي عن ابن=