للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثُّلُثِ كانَ مراعاةً لحقِّ الورثةِ؛ فإنْ أجازُوا سقطَ حقُّهم ولا يخلُو عنْ قوةِ. هذَا في الوصيةِ للوارثِ. واختلفُوا إذا أقرَّ [للورثة] (١) بشيءٍ منْ مالهِ فأجازَه الأوزاعيُّ (٢) وجماعةٌ مطلقًا.

وقالَ أحمدُ (٣): لا يجوزُ إقرارُ المريضِ لوارثهِ مُطْلَقًا. واحتجَّ بأنهُ لا يؤمنُ بعدَ المنعِ منَ الوصيةِ لوارثه أنْ يجعلَها إقرارًا. واحتجَّ الأولُ بما يتضمنُ الجوابَ عنْ هذِه الحجةِ فقالَ: إنَّ التهمةَ في حقِّ المحتضَرِ بعيدةٌ، وبأنهُ وقعَ الاتفاقُ أنهُ لو أقرَّ بوارثِ صحَّ إقرارُه معَ أنهُ يقتضي الإقرارَ بالمالِ، وبأنَّ مدارَ الأحكامِ على الظاهرِ، فلا يُتْرَكُ إقرارُه للظنِّ المحتَمَلِ، فإنَّ أمْرَهُ إلى اللَّهِ.

قلت: وهذَا القولُ أَقْوَى دليلًا. واسْتَثْنَى مالكٌ (٤) ما إذا أقرَّ لِبِنْتِهِ ومَعها مَنْ يشارِكُها منْ غيرِ الولدِ كابنِ العمِّ.

قالَ: لأنهُ متهم في أنهُ يزيدُ لابنَتِهٍ وينقصُ ابنَ العمِّ، [وكذا] (٥) استَثْنَى ما إذا أقرَّ لزوجته المعروفِ بِمَحَبَّتِهِ لها، وميلِهِ إليها، وكانَ بينَه وبينَ ولدِهِ منْ غيرِها تباعدٌ [لا] سيما إذا كانَ لهُ مِنْها ولدٌ في تِلْكَ الحالِ.

قلت: الأحسنُ ما قيلَ عنْ بعضِ المالكية واختارَهُ الروياني (٤) منَ الشافعيةِ أن مدارَ الأمرِ على التُّهْمَةِ وعدمِها، فإنْ فقدتْ جازَ، وإلَّا فَلَا، وهيَ تُعْرَفُ بقرائنِ الأحوالِ وغيرِها، وعنْ بعضِ الفقهاءِ أنهُ لا يصح إقرارهُ إلَّا للزوجةِ بمهْرِها.

٥/ ٩١٠ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِن الله تَصَدَّقَ عَلَيكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيادَةً في حَسَنَاتِكُمْ"، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (٦). [حسن بشواهده]


(١) في (ب): "المريض للوارث".
(٢) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٢٧٦).
(٣) انظر: "المغني" (٦/ ٥٢٤ وما بعدها).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٢٧٦).
(٥) في (ب): "وكذلك".
(٦) في "سننه" (٤/ ١٥٠ رقم ٣).
قلت: وأخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٥٤ رقم ٩٤) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٢١٢) وقال: "وفيه عتبة بن حميد الضبي وثقة ابن حبان وغيره وضعفه أحمد"، وقال عنه الحافظ في "التقريب" (٢/ ٤ رقم ١٣): صدوق له أوهام. اهـ، وهو حديث حسن بشواهده التي منها ما يأتي.