للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أمكَنَّاكَها بما معكَ منَ القرآنِ. ولأبي داودَ عنْ أبي هُريرةَ قَالَ) أي رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (ما تحفظُ؟، قالَ: سورةَ البقرةِ والتي تَليها، قالَ: قمْ فعلِّمْها عشرينَ آيةً).

دلَّ الحديثُ على مسائلَ عديدةِ وقدْ تَتَبَّعَها ابنُ التِّينِ (١) وقالَ: هذهِ إحدى وعشرونَ فائدةَ بوَّبَ (٢) البخاريُّ على أكثرِها.

قلت: ولنأتِ بأنْفَسِها وأوضَحِها.

الأولى: جوازُ عرضِ المرأةِ نفسَها على رجلٍ منْ أهلِ الصَّلاحِ وجوازُ النظرِ منَ الرجلِ وإنْ لم يكنْ خاطِبًا لإرادةِ التزوُّج، يريدُ أنهُ ليسَ جوازُ النظرِ خاصًّا للخاطبِ بلْ يجوزُ لمنْ تخطبُهُ المرأةُ، فإنَّ نظرَهُ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهَا دليلُ أنهُ أرادَ زواجَها بعدَ عَرْضِها عليهِ نفسَها، وكأنَّها لم تعْجبْه فأعرض عنْها.

والثانيةُ: ولايةُ الإمامِ على المرأةِ التي لا قريبَ لها إذا أذنتْ، إلَّا أن في بعضِ ألفاظِ الحديثِ (٣) أنَّها فوَّضَتْ أمرَها إليهِ، وذلكَ توكيلٌ، وأنهُ يعقدُ للمرأةِ منْ غيرِ سؤالِ عنْ وَلِيِّها هلْ هوَ موجود أوْ لا، حاضرٌ أوْ لا، ولا سؤَالُها هلْ هيَ في عِصْمَةِ رجلٍ أو عَدَمه. قالَ الخطابيُّ (٤): وإلى هذا ذهبَ جماعةٌ حَمْلًا على ظاهرِ الحالِ، وعندَ الهادويةِ أنَّها تحلفُ الغريبةُ احتياطًا.


(١) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٢١٦).
(٢) في هذه الأبواب:
(أ) باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه (٩/ ٧٤ - باب/ ٢١ من كتاب فضائل القرآن).
(ب) باب: القراءة عن ظهر قلب (٩/ ٧٨ - باب/٢٢ من كتاب فضائل القرآن).
(ج) باب: تزويج المُعسر (٩/ ١٣١ - باب/ ١٤ من كتاب النكاح).
(د) باب: عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح (٩/ ١٧٤ باب/ ٣٢ من كتاب النكاح).
(هـ) باب: النظر إلى المرأة قبل التزويج (٩/ ١٨٠ باب/ ٣٥ من كتاب النكاح).
(و) باب: التزويج على القرآن وبغير صداق (٩/ ٢٠٥ باب/ ٥٠ من كتاب النكاح).
(ز) باب: المهر بالعروض وخاتم من حديد (٩/ ٢١٦ باب/ ٥١ من كتاب النكاح).
(٣) ليس في ألفاظ حديث الباب ما يساعد الشارح إلا أنه - كما ذكر الحافظ في "الفتح (٩/ ٢٠٧) - أخرج النسائي من حديث أبي هريرة قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " … ولكن تملكيني أمرك، قالت: نعم. فنظر في وجوه القوم فدعا رجلًا فقال: إني أريد أن أزوجك هذا أن رضيت، قالت: ما رضيتَ لي فقد رضيت"، وحديث أبي هريرة في "السنن الكبرى" للنسائي (٥٥٠٦/ ١) إلا أنا لم نجد فيه ما ذكره الحافظ، واللهُ أعلم.
(٤) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٢١٥).