للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنجاسةِ رطوبةِ الكفارِ وهم الهادويةُ والقاسميةُ [ونصره ابن حزم] (١)، واستدلوا أيضًا بظاهرِ قولهِ تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (٢). والكتابيُّ يسمَّى مشركًا إذ قدْ قالوا: المَسِيحُ ابنُ الله، وقالوا: عُزَيْرُ ابْنُ الله (٣).

وذهبَ غيرُهم من أهلِ البيت كالمؤيَّدِ باللَّه وغيرِه إلى طهارةِ رطوبتهم، وهوَ الحقُّ لقولهِ تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ]} (٤)، ولأنهُ - صلى الله عليه وسلم - توضأ من مزادَةِ مشركَةٍ (٥)، ولحديثِ جابرٍ عندَ أحمدَ (٦)، وأبي داودَ (٧): "كُنَّا نَغْزُو معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فَنُصِيْبُ مِنْ آنيةِ المشركينَ وَأسْقِيَتِهِمْ، ولا يَعيبُ ذلكَ علينَا"، وأجيبَ بأنَّ هذا بعد الاستيلاءِ ولا كلامَ فيه، وهذا الجواب بالشرح، وهو مبنيٌ على أن استيلاء أهل الإسلام على أموال أهل الشرك مطهر، ونحن لا نقول به؛ إذ لا دليل عليه، بل نقول رطوبة الكفار طاهرة، وما استولى عليه المسلمون من أموالهم طاهرة أصالة لا أنه طهر بالاستيلاء، وإن سُلِّم ففي غيرِه من الأدلةِ غُنْيَةٌ عَنْهُ.


(١) في "المحلَّى" (١/ ١٨١ - المسألة: ١٣٩) وما بين الحاصرتين من النسخة (أ).
(٢) سورة التوبة: الآية ٢٨. وانظر: "فتح القدير" للشوكاني (٢/ ٣٤٩)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٩٠).
(٣) يشير المؤلف رَحِمَهُ اللهُ إلى قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: ٣٠].
(٤) سورة المائدة: الآية ٥، وما بين الحاصرتين زيادة من النسخة (أ).
(٥) يشير المؤلف رَحِمَهُ اللهُ إلى حديث عِمْرَان بن حُصَيْن الآتي برقم (٢٠).
(٦) في "المسند" (٣/ ٣٧٩).
(٧) في "السنن" (٤/ ١٧٧ رقم ٣٨٣٨) من طريق برد بن سنان عن عطاء عنه.
وقال الألباني في "الإرواء" (١/ ٧٦): وهذا إسناد صحيح. وقد تابعه سليمان بن موسى عن عطاء به نحوه، أخرجه أحمد (٣/ ٣٢٧، ٣٤٣، ٣٨٩).
قلت: وسكت المنذري في "المختصر" (٥/ ٣٣٤) عنه، وكذلك ابن حجر في "الفتح" (٩/ ٦٢٣).
قلت: وقوَّى إسناد الحديث كل من الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في "تخريج جامع الأصول" (١/ ٣٨٧)، والشيخ شعيب الأرناؤوط في "شرح السنة" (١١/ ٢٠١)، وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، واللَّهُ أعلم.