للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فمنها) ما أخرجَهُ أحمدُ (١) من حديث أنس: أنهُ - صلى الله عليه وسلم - دعاه يهوديٌّ إلى خُبزِ شعيرٍ وإهالةٍ سَنَخَةٍ، بفتح السين [المهملة] (٢)، وفتح النون المعجمة فخاء معجمة مفتوحة، أي: متغيرة.

قالَ في "البحر" (٣): لو حَرُمَتْ رطوبَتُهم لاستفاضَ نقلُ تَوَقِّيهم لِقِلَّةِ المسلمينَ حينئذٍ معَ كثرةِ استعمالاتِهِم التي لا يخلو منها ملبوسًا أو مطعومًا، والعادةُ في مثلِ ذلكَ تقضي بالاستفاضَةِ. [قَالَ] (٤): وحديثُ أبي ثعلبة إما محمولٌ على [كرَاهةِ الأكْلِ] (٥) في آنيتهم للاستقذارِ؛ إذْ لوْ كانَتْ نَجِسَةً لم يجعَلْهُ مشروطًا بعدمِ وجدان الغير؛ إذِ الإناءُ المتنجِسُ بعد إزالةِ نجاستِهِ هُوَ وغيره مما لَمْ يتنجسْ على سواءٍ، أو لسدِّ ذريعةِ المحرَّمِ، أو لأنَّها نَجِسَةٌ لما يطبَخُ فيها لا لرطوبَتِهِمْ كما تفيدهُ روايةُ أبي داودَ (٦)، وأحمدَ (٧)، بلفظِ: "إنا نجاوِرُ أهلَ الكتاب وهم يطبخونَ في قدورِهم الخنزيرَ، ويشربونَ في آنيتهم الخمرَ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ وجدتُم غيرَها - الحديث". وحديثُهُ الأولُ مطلقٌ (٨)، وهذا مقيدٌ (٩) بآنيةٍ يُطْبَخُ فيها ما ذُكِرَ ويُشْرَبُ، فيُحْمَلُ المطلقُ على المقيدِ.


(١) في "المسند" (٣/ ٢١٠ - ٢١١).
قلت: والحديث شاذ بهذا اللفظ مع أن إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وقد أخرج أحمد في "المسند" (٣/ ٢٥٢، ٢٨٩ - ٢٩٠) من حديث أنسٍ "أن خياطًا بالمدينة دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لطعامه، قال: فإذا خبز شعير بإهالة سنَخَة وإذا فيها قرع، قال: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه القرع، قال أنس: لم يزل القرع يعجبني منذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه".
قلت: فلا يستقيم استدلال المصنف بها على طهارة آنية الكفار، لكن يغني عنه ما تقدم من حديث جابر، وما يأتي من حديث عِمْران بن حُصَين وغير ذلك من الأدلة.
(٢) زيادة من النسخة (ب).
(٣) أي في "البحر الزَّخَّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" تأليف: الإمام المهدي لدين اللَّهِ، أحمد بن يحيى بن المرتضى (١/ ١٣).
(٤) في النسخة (ب): "قالوا".
(٥) في النسخة (ب): "الكراهية للأكل".
(٦) في "السنن" (٤/ ١٧٧ رقم ٣٨٣٩)، وهو حديث صحيح.
(٧) في "المسند" (٤/ ١٩٣) ورجاله ثقات، لكنه منقطع بين مكحول وأبي ثعلبة.
(٨) المطلق: هو اللفظ الذي يدل على الماهية بدون قيد يقلِّل من شيوعه.
(٩) المقيَّد: هو اللفظ الذي يدل على الماهية بقيد يقلِّل من شيوعه.
"تفسير النصوص" د. محمد أديب صالح (٢/ ١٨٧، ١٨٩).