للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ النوويُّ (١): الصوابُ أن تحريمَهَا وإباحتَها وَقَعَا مرتينِ، فكانتْ مباحةً قبلَ خيبرَ ثم حُرِّمَتْ فيها، ثم أبيحتْ عامَ الفتحِ وهو عامُ أوطاسٍ ثمَّ حُرِّمَتْ تحريمًا مؤبَّدًا، وإلى هذا التحريمِ ذهبَ أكثرُ الأمةِ، وذهبَ إلى بقاءِ الرخصةِ جماعةٌ منَ الصحابةِ ورُوِيَ رجوعُهم وقولُهم بالنسخِ، ومنْ أولئكَ ابنُ عباسٍ (٢) رُوِيَ عنهُ بقاءُ الرخصةِ ثمَّ رجعَ عنهُ إلى القولِ بالتحريم. قالَ البخاريُّ (٣): بيَّنَ علي - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ منسوخٌ، وأخرجَ ابنُ ماجهْ (٤) عنْ عمرَ - رضي الله عنه - بإسنادٍ صحيحٍ أنهُ خطبَ فقالَ: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أذنَ لنا في المتعةِ ثلاثًا ثمَّ حرَّمَها، واللَّهِ لا أعلمُ أحدًا تمتَّعَ وهوَ محصَنٌ إلا رجمتُه بالحجارةِ، وقالَ ابنُ عمرَ (٥) - رضي الله عنه -: نهانا عنها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وما كنَّا مسافحينَ، إسنادُه قويٌّ. والقولُ بأنَّ إباحتَها قَطْعِي ونسخُها ظنيٌّ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الرَّاوينَ لإباحتِها رَوَوْا نَسْخَها وذلكَ إما قَطْعي في الطرفينِ أو ظنيٌّ في الطرفينِ جميعًا، كذَا في الشرحِ، وفي "نهايةِ المجتهدِ" (٦) أنَّها تواترتِ الأخبارُ بالتحريمِ إلَّا أنَّها اختلفتْ في الوقتِ الذي وقعَ فيهِ التحريمُ، انتهَى.


(١) انظر: "شرح مسلم" له (٩/ ١٨١).
(٢) روى البخاري في "صحيحه" (٥١١٦)، عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس يسأل عن متعة النساء فرخَّص، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفى النساء قلة أو نحوه، فقال ابن عباس: نعم.
وقال الألباني في "الإرواء" (٦/ ٣١٩): وجملة القول أن ابن عباس - رضي الله عنه - روي عنه في المتعة ثلاثة أقوال:
الأول: الإباحة مطلقًا.
الثاني: الإباحة عند الضرورة.
والآخر: التحريم مطلقًا، وهذا مما لم يثبت عنه صراحة بخلاف القولين الأولين فهما ثابتان عنه. واللَّهُ أعلم. اهـ.
(٣) في "صحيحه" (٩/ ١٦٧ آخر الحديث رقم ٥١١٩).
(٤) في "سننه" (١٩٦٣). وقد حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (١/ ٣٣٢ رقم ١٥٩٨) وصحّحه الحافظ في "التلخيص" (٣/ ١٥٤).
(٥) عزاه الحافظ في "التلخيص" (٣/ ١٥٤) للطبراني في "الأوسط" من طريق إسحاق بن راشد عن الزهري عن سالم: أتي ابن عمر فقيل له: إن ابن عباس يأمر بنكاح المتعة فقال: معاذ الله ما أظن ابن عباس يفعل هذا، فقيل: بلى، قال: وهل كان ابن عباس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غلامًا صغيرًا، ثم قال ابن عمر: … فذكره ثم قال: إسناده قوي.
(٦) (٣/ ١١٠ - ١١١).