للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عن ابن عمرَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: العربُ بعضهم أكْفاءُ بعضٍ، والموالي بعضُهم أكْفاءُ بعضٍ إلَّا حائِكًا أو حجَّامًا. رواهُ الحاكمُ، وفي إسنادِه راوٍ لم يسَمَّ، واستنكرَهُ أبو حاتمٍ، ولهُ شاهدٌ عندَ البزَّارِ عنْ معاذِ بن جبلٍ بسندٍ منقطعٍ).

وسألَ ابنُ أبي حاتمٍ (١) عنْ هذا الحديثِ أباهُ فقالَ: هذا كَذِبٌ لا أصلَ لهُ، وقالَ في موضعٍ آخرَ: باطلٌ. ورواهُ ابنُ عبدِ البرِّ في "التمهيدِ" (٢)، قالَ الدارقطنيُّ في "العلل": لا يصِحُّ. وحدَّثَ بهِ هشامُ بنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرازي فزادَ فيهِ بعد أوْ حجَّامًا: أو دبَّاغًا، فاجتمعَ عليهِ الدبَّاغونَ وهمُّوا بهِ. قالَ ابنُ عبدِ البرِّ (٢): هذا مُنْكَرٌ موضوعٌ ولهُ طُرُقٌ كلُّها واهيةٌ. والحديثٌ دليلٌ على أن العربَ كلهم سواءٌ في الكفاءةِ بعضُهم لبعض وأنَّ المواليَ ليسُوا أكفَاءَ لهمْ، وقدِ اختلفَ العلماءُ في المعتَبَرِ منَ الكفاءةِ خلافًا كثيرًا، والذي يقوى هوَ ما ذهبَ إليهِ زيدُ (٣) بن عليٍّ ومالكٌ (٤) ويُرْوَى (٥) عن عمرَ وابنِ مسعودٍ وابنِ سيرينَ وعمرَ بن عبدِ العزيز وأحدُ قَوْلَي الناصرِ (٣) أنَّ المعتَبَرَ الدِّينُ لقولِه تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (٦)، ولحديثِ: "الناسُ كلُّهم ولدُ آدمَ": تمامُه: "وآدمُ منْ تراب"، أخرجَه ابنُ سعدٍ (٧) منْ حديثِ أبي هريرةَ وليسَ فيهِ لفظُ كلهم، "والناسُ كَأسنانِ المشطِ لا فضلَ لأحدٍ على أحدٍ إلَّا بالتقوى"، أخرجَهُ ابنُ لالٍ (٨) بلفظٍ قريبٍ منْ لفظه من حديثِ سهلِ بن سعدٍ. وأشارَ البخاري إلى نُصْرَةِ هذا القولِ حيثُ قالَ: بابُ (٩) الإكفاءِ في الدينِ، وقولُه تعالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} (١٠) الآيةَ، فاستنبطَ منَ


(١) في "العلل" له (١/ ٤١٢ رقم ١٢٣٦).
(٢) "التمهيد" لما في "الموطأ" من المعاني والأسانيد (١٩/ ١٦٤ - ١٦٥).
(٣) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٤٩).
(٤) انظر: "التمهيد" (١٩/ ١٦٣).
(٥) انظر: "فتح الباري" (٩/ ١٣٢).
(٦) سورة الحجرات: الآية ١٣.
(٧) في "الطبقات" (١/ ٢٥). وأخرجه مطولًا: أبو داود (٥١١٦)، والترمذي (٣٩٥٥، ٣٩٥٦)، وقال في الأول: حسن غريب، وقال في الثاني: وهذا أصح عندنا من الحديث الأول. وأخرجه أيضًا البيهقي (١٠/ ٢٣٢)، وأحمد (٢/ ٣٦١، ٥٢٤) وهو حديث حسن حسنه الألباني في "الصحيحة" (١٠٠٩)، وانظر أيضًا: "غاية المرام" (ص ١٩٠ رقم ٣١٢).
(٨) عزاه إليه صاحب "كنز العمال" (٩/ ٣٨ رقم ٢٤٨٢٢) وفيه: الناس سواء كأسنان المشط وإنما يتفاضلون بالعبادة، ولا تصحبنَّ أحدًا لا يرى لله من الفضل مثل ما ترى له".
(٩) في "صحيحه" (٩/ ١٣١ باب رقم ١٥).
(١٠) سورة الفرقان: الآية ٥٤.