للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بدرٍ بقليلٍ، ووقعةُ بدرٍ كانتْ في رمضانَ منَ السنةِ الثانيةِ منْ هجرتِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وحَرُمتِ المسلماتُ على الكفارِ في الحديبيةِ سنةَ ستٍّ منْ ذي القعدةِ منْها، فيكونُ مُكْثُها بعدَ ذلكَ نحوًا من سنتينِ، ولهذَا وردَ في روايةِ أبي داودَ ردَّها عليهِ بعدَ سنتينِ، وهكذَا قررَ ذلكَ أبو بكرٍ الحافظ البيهقيَ. قالَ الترمذيُّ (١): لا يُعْرَفُ وجهُ هذا الحديثِ، [يشيرُ] (٢) إلى أنهُ كيفَ ردَّها عليهِ بعدَ ستِّ سنينَ أوْ ثلاثٍ أو سنتينِ وهوَ مُشْكِلٌ لاستبعادِ أنْ تبقَى عِدَّتُها هذهِ المدةَ، ولم يذهبْ أحدٌ إلى تقريرِ المسلمةِ تحتَ الكافرِ إذا تأخرَ إسلامُه عنْ إسلامِها. نَقَلَ الإجماعَ في ذلك ابنُ عبدِ البرِّ (٣) وأشارَ إلى أنَّ بعضَ أهلِ الظاهرِ جَوَّزَهُ. وَرُدَّ بالإجماعِ وتُعُقِّبَ بثبوتِ الخلافِ فيهِ عنْ عليٍّ والنخعيِّ. أخرجَهُ ابنُ أبي شيبةَ (٤) عنْهما وبهِ أفتَى حمَّادُ شيخُ أبي حنيفةَ، فَرَوَى عنْ عليٍّ أنَّهُ قالَ في الزوجينِ الكافرينِ يسلمُ أحدُهما: "هوَ أملكُ لِبُضْعِها ما دامتْ في دارِ هجرتِها"، وفي روايةٍ: "وهوَ أَوْلَى بها ما لمْ تخرجْ [منْ] (٥) مِصْرِها"، وفي روايةٍ عن الزهريِّ: أنهُ إنْ أسلمتْ ولم يسلمْ زوجُها فَهُما على نكاحِها ما لم يفرِّقْ بينَهما سلطانٌ. وقالَ الجمهورُ: إنْ أسلمتِ الحربيةُ وزوجُها حربيٌّ وهي مدخولة فإنْ أسلمَ وهي في العدَّةِ فالنكاحُ باقٍ، وإنْ أسلمَ بعدَ انقضاءِ عُدَّتِها وقعتِ الفرقةُ بينَهما. وهذا الذي ادَّعَى عليهِ الإجماعُ في "البحرِ" (٦) وادعاهُ ابنُ عبدِ البرِّ كما عرفتَ. وتأوَّلَ الجمهورُ حديثَ زينبَ بأنَّ عدَّتَها لم تكنْ قد انقضتْ وذلكَ بعدَ نزولِ آيةِ التحريمِ لبقاءِ المسلمةِ تحتَ الكافرِ وهوَ مقدارُ سنتينِ وأشهرٍ لأنَّ الحيضَ قدْ يتأخرُ معَ بعضِ النساءِ فردَّها - صلى الله عليه وسلم - عليهِ لما كانتِ العدَّةُ غيرَ منقضيةٍ. وقيلَ: المرادُ بقولِه: بالنكاحِ الأولِ، أنهُ لم يحدثْ زيادةَ شرطٍ ولا مَهْرٍ. وردَّ هذا ابنُ القيمِ (٧) وقالَ: لا نعرفُ اعتبارَ العدَّةِ في شيءٍ منَ الأحاديثِ ولا كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسألُ المرأةَ هلِ انقضتْ عدَّتُها أمْ لا، ولا ريبَ أن الإسلامَ لوْ كانَ بمجرَّدِه فرقةٌ لكانتْ فرقةً بائنةً لا رجعيةً فلا أثرَ للعدةِ في بقاءِ النكاحِ، وإنما


(١) في "السنن" (٣/ ٤٤٨).
(٢) في (أ): "يريد".
(٣) في "الاستذكار" (١٦/ ٣٢٦).
(٤) في "المصنف" (٥/ ٩١) عن علي. و (٥/ ٩٢)، عن إبراهيم النخعي.
(٥) في (أ): "عن".
(٦) في "البحر الزخار" (٣/ ٧٢).
(٧) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٥١ - ٣٥٣).