للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنْ عمرَ (١) وابنِ مسعودِ (٢)، وَرُوِيَ عنْ عثمانَ أنهُ لم يؤجِّلْه، وعنِ الحارثِ بن عبدِ اللَّهِ (٣) يُؤَجَّلُ عَشَرةَ أشهرٍ، وذهبَ أحمدُ والهادي وجماعةٌ إلى أنهُ لا فسخَ بذلك. واستدلُّوا بأنَّ الأصلَ عدمُ الفسخِ وهذا أثرٌ لا حجةَ فيهِ وبأنهُ - صلى الله عليه وسلم - لمْ يُخَيِّرِ امرأةَ رُفاعةَ وقدْ شكتْ منهُ ذلكَ وهوَ في موضعِ التعليمِ. وقدْ أجابَ في "البحر" (٤) بقولِه: قُلْنَا [لهُ] (٥) لعلَّ زوجَها أنكرَ والظاهرُ معهُ.

قلتُ: لا يخفَى أن امرأةَ رفاعةَ لم تشكُ منْ رفاعةَ فإنهُ كانَ قد طلَّقَها فتزوَّجَها عبدُ الرحمنِ بنُ الزبيرِ فجاءتْ تشكوُ إليهِ - صلى الله عليه وسلم - وقالتْ إنما معهُ مثلُ هُدْبَةِ الثوبِ، فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أتريدينَ أنْ ترجعي إلى رفاعةَ؟ لا حتَّى يذوقَ عُسَيلتَكِ وتذوقي عُسَيْلَتَهُ" (٦). وفي روايةِ "الموطأِ" (٧): "أن رفاعةَ طلَّقَ امرأتَه تميمةَ بنتَ وَهْبٍ في عَهدِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا فَنَكحت عبدَ الرحمنِ ابنَ الزبيرِ فاعترض عنْها فلم يستطِعْ أنْ يَمَسَّها ففارقَها، فأرادَ رفاعةُ أنْ يَنْكِحَها وهوَ زوجُها الأولُ فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: أتريدينَ - الحديثَ". وبهذَا يُعْرَفُ عدمُ صحةِ الاستدلالِ [بحديث] (٨) رفاعةَ فإنَّها لم تطلبِ الفسخَ بلْ فهمَ مِنْها - صلى الله عليه وسلم - أنَّها تريدُ أنْ يراجعَها رفاعةُ فأخبرَها أن عبدَ الرحمنِ حيثُ لم تذق عسيلته ولا ذاق عسيلتها [لا يُحِلُّها] (٩) لرفاعةَ. وكيفَ يحملُ حديثها على طلب الفسخِ وقدْ أخرجَ مالكٌ في "الموطأ" (٧) "أن عبدَ الرحمنِ لم يستطعْ أنْ يمسَّها فطلَّقَها فأراد رفاعةُ أنْ ينكحَها وهوَ زوجُها الأولُ فجاءتْ تستفتي رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فأجابَها بأنَّها لا تحلُّ لهُ".

وأما قصةُ أَبي ركانةَ وهيَ: "أنهُ نكحَ امرأةَ منْ مزينةَ فجاءتْ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: ما يغني عَنِّي إلَّا كما تغني عنيِّ هذهِ الشعرةُ، لشعرةٍ أخذتْها منْ رأسِها ففرِّقْ بيني وبينَه، فأخذتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حميةٌ فدعا بركانةَ وإخوتِهِ ثمَّ قالَ لجلسائهِ:


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٢٠٦، ٢٠٧).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٢٠٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٢٠٦).
(٤) (٣/ ٦٤ - ٦٥).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) أخرجه البخاري (١٠/ ٢٦٤ رقم ٥٧٩٢)، ومسلم (رقم: ١٤٣٣) من حديث عائشة.
(٧) (٢/ ٥٣١ رقم ١٧).
(٨) في (ب): "بقصةِ".
(٩) في (أ): "لا تحل".