للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنْ جابرٍ قالَ: كان لنا جوارٍ وكنَّا نعزلُ، فقالتِ اليهودُ: تلكَ الموءودةُ الصُّغْرى، فَسُئِلَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذلكَ فقالَ: "كذبتِ اليهودُ ولوْ أرادَ اللَّهُ خَلْقَه لم تستطعْ ردَّه" أخرجَهُ النسائي (١) والترمذيُّ وصحَّحَهُ (٢)، والثاني: أخرجَه النسائيُّ (٣) منْ حديثِ أَبي هريرةِ نحوَه. قالَ الطحاويُّ (٤): والجمعُ بينَ الأحاديثِ يُحْمَلُ النَّهْيُ في حديثِ جذامةَ على التنزيهِ، ورجَّحَ ابنُ حزمٍ (٥) حديثَ جذامةَ وأنَّ النَّهْيَ فيهِ للتحريمِ بأنَّ حديثَ غيرِها مرجِّحٌ لأصلِ الإباحةِ وحديثُها مانعٌ، فَمَنِ ادَّعَى أنهُ أُبِيْحَ بعدَ المنعِ فعليهِ البيانُ. ونُوزعَ ابنُ حزمٍ في دلالةِ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "ذلكَ الوأْدُ الخفيُّ" على الصراحةِ بالتحريم؛ لأنَّ التحريمَ لِلْوَأْدِ المحقَّقِ الذي هوَ قطعُ حياةٍ محقَّقةٍ والعزلُ شَبَّهَهُ - صلى الله عليه وسلم - به، وإنما هوَ قطعٌ لما يُوَدِّي إلى الحياةِ والمشبَّه دونَ المشبَّهِ بهِ، وإنَّما سمَّاهُ وأْدًا لِمَا تعلَّقَ بهِ منْ قصدِ منعِ الحملِ، وأما عِلةُ النَّهْي عن العزلِ فالأحاديثُ دالَّةٌ على أنَّ وجْهَهُ أنهُ معاندةٌ لِلْقَدَرِ وهذا دالٌّ على عدمِ التفرقةِ بينَ الحرةِ والأَمَةِ.

فائدةٌ: معالجةُ المرأةِ لإسقاطِ النُّطْفَةِ قبلَ نَفْخِ الروحِ يتفرعُ جوازُه وعدمُه على الخلافِ في العزلِ، فمن أجازَهُ أجازَ المعالجةَ، ومنْ حرَّمَ هذا بالأَوْلَى، ويلحقُ بهذا تعاطي المرأةِ ما يقطعُ الحَبَلَ منْ أصلِهِ، وقدْ أفتى بعضُ الشافعيةِ بالمنعِ وهوَ مُشْكِلٌ على قولِهِمْ بإباحةِ العزْلِ مطلقًا.

١٢/ ٩٦٥ - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارِيَةً، وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، وَأَنَا أُرِيدُ مَا يُرِيدُ الرِّجَالُ، وَإِنَّ الْيَهُودَ تَحَدَّثُ أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى، قَالَ: "كَذَبَتِ الْيَهُودُ، لَو أَرَادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ"، رَوَاهُ أَحْمَدُ (٦) وَأَبُو دَاوُدَ (٧)،


(١) في "عشرة النساء" رقم (١٩٣) بسند صحيح.
(٢) في "السنن" رقم (١١٣٦) وقال: حديث جابر حديث حسن صحيح.
(٣) في "عشرة النساء" رقم (١٩٨) بسند حسن.
(٤) في "مشكل الآثار" (٥/ ١٧٣).
(٥) في "المحلَّى" (١٠/ ٧٠ - ٧١).
(٦) في "المسند" (٣/ ٥١، ٥٣).
(٧) في "السنن" رقم (٢١٧١).