للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واللفظُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ (١) وَالطَّحَاوِيُّ (٢). وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ (٣). [صحيح]

(وعنْ أَبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ لي جاريةً وأنا أعزلُ عنْها وأنا أكرهُ أنْ تحمِلَ، وأنا أريدُ ما يريدُ الرجالُ، وأنَّ اليهودَ تحدِّثُ أن العزْلَ الموءودةُ الصُّغْرَى قالَ: كذبتْ يهودُ، لو أرادَ اللَّهُ أنْ يخلقَه ما استطعتَ أنْ تَصْرفَه. رواهُ أحمدُ وأبو داودَ واللفظُ لهُ، والنسائيُّ والطحاويُّ ورجالهُ ثِقَاتٌ).

الحديثُ قدْ عارضَ حديثَ النَّهْي وتسميتُه - صلى الله عليه وسلم - العزلَ الوأدَ الخفيَّ، وفي هذا كَذِبُ يهودَ في تسميتِه الموءودةَ الصُّغْرَى. وقدْ جُمِعَ بينَهما بأنَّ حديثَ النَّهْي حُمِلَ على التنزيهِ (٤) وتكذيبِ اليهودِ لأنَّهم أرادُوا التحريم الحقيقيَّ. وقولهُ: "لو أرادَ اللَّهُ أن يخلقَه - إلى آخرهِ" معناهُ أنهُ تعالَى إذا قدَّرَ خلْقَ نفسٍ فلا بدَّ منْ خَلْقِهَا وأنهُ يسبقُكم الماءُ فلا تقدرونَ علَى دَفْعِهِ ولا ينفعُكمُ الحرصُ على ذلكَ، فقدْ يسبقُ الماءُ منْ غيرِ شعورِ العازلِ لتمامِ ما قدَّره اللَّهُ. وقدْ أخرجَ أحمدُ (٥) والبزارُ (٦) منْ حديثِ أنسٍ وصحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ "أن رجلًا سألَ عن العزلِ فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لوْ أن الماءَ الذي يكونُ منهُ الولدُ أهرقْتَهُ على صخرةٍ لأخرجَ اللَّهُ له منْها ولدًا"، وله شاهدانِ في "الكبير" للطبرانيِّ (٧) عن


(١) في "عشرة النساء" رقم (١٩٤، ١٩٧).
(٢) في "مشكل الآثار" رقم (١٩١٦). وهو حديث صحيح.
(٣) وهو كما قال.
(٤) قال ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" (٣/ ٨٥): "فاليهودُ ظنت أن العزلَ بمنزلةِ الوأدِ في إعدام ما انعقد بسبب خلقه، فكذبهم في ذلك، وأخبر أنه لو أراد اللهُ خلقه ما صرفه أحدٌ، وأما تسميته وأدًا خفيًا، فلأنَّ الرجل إنما يعزل عن امرأته هربًا من الولد، وحرصًا على أن لا يكون، فجرى قصده ونيته وحرصه على ذلك مجرى من أعدم الولد بوأده، لكن ذلك وأدٌ ظاهرٌ من العبد فعلًا وقصدًا، وهذا وأد خفي منه، إنما أراده ونواه عزمًا ونية، فكان خفيًا" اهـ.
وانظر كلام الحافظ في "الفتح" (٩/ ٣٠٩).
(٥) كما في "الفتح الرباني" (١٦/ ٢٢٠ رقم ٢٢٩).
(٦) عزاه إليه الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٩٦). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٩٦) وقال: رواه أحمد والبزار وإسنادهما حسن.
(٧) أخرج الطبراني في "الأوسط" رقم (٦٨٨٤) عن ابن عباس قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي بعثني بالحق، لو أن النطفة التي أخذ اللهُ عليها الميثاقَ ألقيت على صخرةٍ لخلقَ اللَّهُ منها إنسانًا" اهـ. =