للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإنْ قلتَ: قدْ عُلِمَ النَّهْيُ عن التزعفرِ فكيفَ لم ينكرْهُ - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: هذا [مخصِّصٌ] (١) للنَّهي بجوازِه للعرس، وقيلَ: يحتملُ أنَّها كانتْ في ثيابهِ دونَ بدنهِ بناءً على جوازِهِ في الثوبِ. وقدْ مَنَعَ جوازَه فيهِ أَبو حنيفةَ والشافعيُّ ومَنْ تَبعَهُمَا، والقولُ بجوازِه في الثياب [روي] (٢) عنْ مالكٍ وعلماءِ المدينةِ، واستدلَّ لهمْ بمفهومِ النَّهْي الثابتِ في الأحَاديثِ الصحيحةِ كحديثِ أَبي موسَى مرفوعًا: "لا يَقْبلُ اللَّهُ صلاةَ رَجُلٍ في جسدِه شيءٌ منَ الخلوقِ" (٣). وأُجِيب بأنَّ ذلكَ مفهومٌ لا يقاومُ النَّهيْ الثابتَ في الأحاديثِ الصحيحةِ وبأنَّ قصةَ عبدِ الرحمنِ كانتْ قبلَ النَّهي في أولِ الهجرةِ، وبأنهُ يحتملُ أن الصفرةَ التي رَآهَا - صلى الله عليه وسلم - كانتْ منْ جهةِ امرأتهِ علقتْ بهِ فكانَ ذلكَ غيرَ مقصودٍ لهُ، ورجَّحَ هذا النوويَّ (٤) وعزاهُ للمحققينَ وبَنَى عليهِ البيضاويُّ. وقولُه: "على وزنِ نُواةٍ منْ ذهبٍ" قيلَ المرادُ واحدةُ نَوَى التمرِ، قيلَ كانَ قدْرَها يومئذٍ رُبْعُ دينارٍ، وَرُدَّ بأنَّ نَوَى التمرِ يختلفُ فكيفَ يُجْعَلُ معيارًا لما يُوزَنُ، وقيلَ: إنَّ النواةَ منْ ذهبٍ عبارةٌ عما قيمتُه خمسةُ دراهمَ منَ الورقِ وجزَمَ بهِ الخطابيُّ (٥) واختارَهُ الأزهريُّ (٦) ونقلَه عياضٌ عنْ أكثرِ العلماءِ، ويؤيدُه أن في روايةِ البيهقيِّ (٧) وزنُ نواةٍ منْ ذهبٍ قُوِّمَتْ خمسةُ دراهمَ.

وفي روايةٍ عند البيهقيِّ (٨) عنْ قتادةَ قوِّمتْ ثلاثةُ دراهمَ وثُلْثًا وإسنادُه ضعيفٌ، لكنْ جزمَ بهِ أحمدُ، وقيلَ في قَدْرِها غيرُ ذلكَ، وعنْ بعضِ المالكيةِ أن النواةَ عندَ أهلِ المدينةِ ربعُ دينارٍ. والحديثُ دليلٌ على أنهُ يُدْعَى للمعرِّس بالبركةِ وقدْ نالَ عبدُ الرحمنِ بركةَ الدعوةِ النبويةِ حتَّى قال: لقدْ رأيتُني لو رفعتُ حَجَرًا لرجوتُ أنْ أصيبَ ذهبًا أو فضةً، رواهُ البخاريُّ عنهُ في آخرِ هذهِ الروايةِ، وفي


(١) في (ب): "تخصيص".
(٢) في (ب): "مرويُّ".
(٣) أخرجه أَبو داود رقم (٤١٧٨)، وابن عبد البر في "التمهيد" (٢/ ١٨٢ - ١٨٣) من حديث الربيع بن أنس عن جدَّيه، قال أَبو داود: جَدَّاه زيد وزياد. قلت: سنده ضعيف.
وقد ضعَّف الحديث الألباني في: "ضعيف أَبي داود وغيره".
(٤) في "شرح صحيح مسلم" (٩/ ٢١٦).
(٥) في "حاشية سنن أَبي داود" (٢/ ٥٨٤).
(٦) في "تهذيب اللغة" (١٥/ ٥٥٧ - ٥٥٨).
(٧) في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٣٧).
(٨) في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٣٧).