للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن الحاسبَ لها هوَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منْ طُرُقٍ يقوِّي بعضُها بعضًا، (وفي روايةٍ لمسلمٍ: قالَ ابنُ عمرَ) أي لمَّا سألَه سائلٌ (أمَّا أنتَ طلَّقْتَها واحدةً أوِ اثنتينِ فإنَّ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أمرني أنْ أراجِعَها ثم أمسكَها حتَّى تحيضَ حيضةً أخرى [أي الحديث] (١)، وأما أنتَ طلقتَها تلاثًا فقدْ عصيتَ رَبَّكَ فيما أمركَ بهِ منْ طلاقِ امرأتِك) دال على تحريمِ الطلاقِ في الحيضِ، وقدْ يدلُ قولُه: "أمرني أن أراجِعَها" على وقوعِ الطلاقِ إذِ الرجعةُ فرعُ الوقوع وفيهِ بحثٌ. وخالفَه فيهِ طاوسُ والخوارجُ والروافضُ وحكاهُ في "البحر" (٢) عن الباقرِ [والصادقِ] (٣) والناصرِ قالُوا: لا يقعُ شيءٌ، ونصرَ هذا القولَ ابنُ حزمٍ (٤) ورجَّحَهُ ابنُ تيميةَ (٥) وابنُ القيمِ (٦) واستدلُّوا بقولِه: (وفي روايةٍ أُخْرى) أَي لمسلمٍ عن ابن عمرَ (قالَ عبدُ اللَّهِ بن عمرَ: فردَّها عليَّ ولم يَرَهَا شيئًا وقالَ: إذا طَهُرَتْ فليطلقْ أو ليمسكْ)، ومثلُه في روايةِ أبي داودَ: فردَّها عليَّ ولمْ يَرَها شيئًا وإسنادُه على شرطِ الصحيحِ. إلَّا أنهُ قالَ ابنُ عبدِ البرِّ في قولِه: "ولم يرَها شيئًا" منكرٌ لم يقلْه غيرُ أبي الزبيرِ وليسَ بحجةٍ فيما خالَفه فيهِ مِثلُه فكيفَ [من] (٧) هوَ أثبتُ منهُ؟ ولو صحَّ لكانَ معناهَا واللَّهُ أعلمُ: ولمْ يَرَها شيئًا مستقيمًا لكونِها لم تقعْ على السنةِ.

وقالَ الخطابي (٨): قالَ أهلُ الحديثِ لم يروِ أبو الزبيرِ حديثًا أنكرَ منْ هذا ويحتملُ أن معناها لم يرَها شيئًا تحرمُ [معها] (٩) المراجعةُ، أو لم يَرَها شيئًا جائزًا في السنةِ ماضيًا في الاختيارِ وإنْ كانَ لازمًا لهُ. ونقلَ البيهقي في "المعرفة" (١٠) عن الشافعيِّ أنهُ ذكرَ روايةَ أبي الزبيرِ فقالَ نافعٌ: أثْبَتُ منْ أبي الزبيرِ والأثبتُ منَ الحديثيْنِ أَوْلَى أَنْ يؤخذَ بهِ إذا تَخَالَفَا. وقدْ وافقَ نافعًا غيرُه منْ أهلِ التثبتِ.


(١) في (ب) لما سأله سائل.
(٢) "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" (٣/ ١٥٤).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في "المحلَّى" (١٠/ ١٦١ - ١٧٠) رقم (١٩٤٩).
(٥) في "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ٥ - وما بعدها).
(٦) في "زاد المعاد" (٥/ ٢١٨ - ٢٣٨).
(٧) في (ب): "بمن".
(٨) في "معالم السنن" (٢/ ٦٣٦) حاشية السنن.
(٩) في (ب): "معهُ".
(١٠) (١١/ ٢٨ رقم ١٤٦٣١).