للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عهدِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وحدَّثَ عنهُ أحاديثَ، قالَ البخاري: لهُ صحبةٌ، وقالَ أبو حاتمٍ: لا نعرفُ له صحبةً، وذكرَهُ مسلمٌ في التابعينَ، وكانَ منَ العلماءِ. ماتَ سنةَ ستٍ وتسعينَ. وقدْ تَرْجَمَ لهُ أحمدُ في مسندِهِ وأخرجَ لهُ أحاديثَ ليسَ فيها شيءٌ صرَّحَ فيهِ بالسماع، (قالَ: أخبرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنْ رجلٍ طلَّقَ امرأتَه ثلاثَ تطليقاتٍ جميعًا فقامَ غضبانَ ثمَّ قالَ: أَيُلْعَبُ بكتابِ اللهِ وأنا بينَ أظْهُرِكُمْ؟ حتَّى قامَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ أقتلُه. رواهُ النسائيُّ ورواتُه مَوَثَّقُونَ).

الحديثُ دليلٌ على أن جَمْعَ الثلاثِ التطليقاتِ بدعةٌ. واختلفَ العلماءُ في ذلكَ، فذهبَ الهادوية وأبو حنيفةَ ومالكٌ إلى أنهُ بدعةٌ. وذهبَ الشافعيُّ وأحمدُ والإمامُ يحيى إلى أنهُ ليسَ ببدعةٍ ولا مكروهٍ. واستدلَّ الأولونَ بغضبِهِ - صلى الله عليه وسلم - وبقولِه أَيُلْعَبُ بكتابِ اللَّهِ؟ وبما أخرجَه سعيدُ بنُ منصورٍ (١) بسندٍ صحيحٍ عنْ أنسٍ أن عمرَ كانَ إذا أُتِيَ برجل طلَّقَ امرأتَه ثلاثًا أَوْجَعَ ظهرَه ضَرْبًا، وكأنهُ أخذَ عمر تحْريمَهُ منْ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "أيلعبُ بكتابِ اللَّهِ". استدلَّ الآخرونَ بقولهِ تعالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٢)، وبقولِه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٣) وبما يأتي في حديثِ اللِّعانِ (٤) أنهُ طلَّقها الزوجُ ثلاثًا بحضرتهِ - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكرْ عليهِ. واجِيْبَ بأنَّ الآيتينَ مُطْلَقَتَانِ، والحديثُ صريحٌ بتحريمِ الثلاثِ فَتُقَيَّدُ بهِ الآيتانِ، وبأنَّ طلاقَ الملاعنِ لزوجتهِ ليسَ طلاقًا في محلِه؛ لأنَّها بانتْ بمجردِ اللعانِ كما يأتي. واعلمْ أن حديثَ محمودٍ لمْ يكنْ فيه دليلٌ على أنهُ - صلى الله عليه وسلم - أمْضَى عليهِ الثلاثَ أوْ جعلَها واحدة، وإنَّما ذكرهُ المصنفُ [إخبارًا] (٥) بأنَّها قد وقعتِ التطليقاتُ الثلاثُ في عصرِه - صلى الله عليه وسلم -.

٥/ ١٠١١ - وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: طَلَّقَ أَبو رُكَانَةَ أُمَّ رُكَانَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رَاجعِ امْرَأَتَكَ"، فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا، قَالَ: "قَدْ عَلِمْتُ رَاجِعْهَا"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٦). [حسن]


= رقم (٧٨٣٨)، و"أسد الغابة" رقم (٤٧٨٠)، و"الاستيعاب" رقم (٢٣٧٥)، والجمع بين رجال الصحيحين" (٢/ ٥٠٥).
(١) في "السنن" (١/ ٢٦٤ رقم ١٠٧٣) بسند صحيح.
(٢) سورة الطلاق: الآية ١.
(٣) سورة البقرة: الآية ٢٢٩.
(٤) رقم (٥/ ١٠٣٤) من كتابنا هذا.
(٥) في (أ): "إخبار".
(٦) في "السنن" رقم (٢١٩٦)، وهو حديث حسن.