للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السادسُ: أنهُ أُرِيْدَ بقولِه طلاقَ الثلاثَ واحدةً هوَ لفظُ البتَة إذا قالَ: أنتِ طالقٌ البتةَ، وكما سيأتي في حديثِ ركانةَ. فكانَ إذا قالَ القائلُ ذلكَ قُبِلَ تفسيرِه بالواحدةِ وبالثلاثِ، فلما كانَ في عصرِ عمرَ لم يُقْبَلْ منهُ التفسيرُ بالواحدةِ، قيلَ وأشارَ إلى هذا البخاريُّ فإنهُ أدخلَ في هذا البابِ الآثارَ التي فيها البتةَ والأحاديثَ التي فيها التصريحُ بالثلاثِ كأنهُ يشيرُ إلى عدمِ الفرقِ بينَهما وأنَّ البتةَ إذا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ على الثلاثِ إلا إذا أرادَ المطلِّقُ واحدةً فيُقبلُ، فَرَوى بعضُ الرواةِ البتةَ بلفظِ الثلاثِ يريدُ أن أصلَ حديثِ ابن عباسٍ - رضي الله عنه - كانَ طلاقُ البتةَ على عهدِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وعهدِ أبي بكرِ إلى آخرِه.

قلتُ: ولا يخْفَى بُعْدُ هذا التأويلِ وتوهيمُ الراوي في التبديلِ، ويبعدُه أن الطلاقَ بلفظِ البتةَ في غايةِ الندورِ فلا يحملُ عليهِ ما وقعَ، كيفَ وقولُ عمرَ: قدِ استعجلُوا في أمرٍ كان لهم فيه أناةٌ، يدلُّ أن ذلكَ واقعٌ أيضًا في عصرِ النبوةِ، والأقربُ أن هذا رأيٌ منْ عمرَ رجح له كما مَنعَ منْ [متعة] (١) الحجِّ وغيرِها. وكلُّ [واحد] (٢) يؤخذْ منْ قولِه ويتركُ غيرُ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وكونُه خالفَ ما كانَ على عهدِه - صلى الله عليه وسلم - فهوَ نظيرُ متعةِ الحجِّ بلا ريبٍ، والتكلفاتُ في الأجوبةِ ليوافقَ ما ثبتَ في عصرِ النبوةِ لا يليق، فقدْ ثبتَ عنْ عمرَ اجتهاداتٌ يعسرُ تطبيقُها على ذلكَ، نعمْ إذا أمكنَ التطبيقُ على وجْهٍ صحيحٍ فهوَ المرادُ.

٤/ ١٠١٠ - وَعَنْ مَحْمُودِ بْن لَبيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانَ ثُمَّ قَالَ: "أَيُلْعَبُ بكِتَاب اللَّهِ وَأَنَا بَينَ أَظْهُرِكُمْ"؟ حَتى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَقْتُلُهُ؟ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (٣) وَرُوَاتُهُ مُوَثقُونَ. [ضعيف]

(وعنْ محمودِ بن لبيدٍ - رضي الله عنه -) (٤) ابن أبي رافعٍ الأنصاريِّ الأشهليِّ، ولدَ على


(١) في (أ): "عمرة".
(٢) في (ب): "أحدٍ".
(٣) في "السنن" (٦/ ١٤٢ رقم ٣٤٠١)، وهو حديث ضعيف.
(٤) انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" (٧/ ٤٠٢)، و"الجرح والتعديل" (٨/ ٢٨٩)، و"الإصابة" =