للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واللَّهِ وفي أوسٍ أَنْزَلَ اللَّهُ سورةَ المجادلةِ، قالتْ: كنتُ عندَه وكانَ شَيْخًا كَبِيْرًا قدْ ساءَ خُلُقه وقدْ ضجر، قالتْ: فَدَخَلَ عليَّ يومًا فراجعْتُه بشيءٍ فغضبَ فقالَ: أنتِ عليَّ كظهرِ أميِّ، قالتْ: ثمَّ خرجَ فجلسَ في نادي قومِه ساعةً ثمَّ دخلَ عليَّ فإذَا هو يريدني عنْ نفسي، قالتْ: قلتُ كلَّا والذي نفسُ خويلةَ بيدِه لا تخلُصُ إليَّ وقدْ قلتَ ما قلتَ، فحكمَ اللَّهُ ورسولُه فيها" الحديثَ، رواهُ الإمامُ أحمدُ (١) وأبو داودَ (٢) وإسنادُه مشهورٌ، وأُخِذَ منهُ أنهُ إذا قصدَ بلفظِ الظهارِ الطلاقَ لم يقعِ الطلاقُ وكانَ ظِهارًا، وإلى هذَا ذهبَ أحمدُ والشافعيُّ وغيرُهما، قالَ الشافعيُّ: ولو ظاهرَ يريدُ طلاقًا كانَ ظِهَارًا، ولَوْ طلَّق يريدُ ظِهارًا كانَ طلاقًا.

وقالَ أحمدُ: إذا قالَ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي، وعَنَى بهِ الطلاقَ كانَ ظِهَارًا ولا تطلَّق، وعلَّلَه ابنُ القيمِّ (٣) بأنَّ الظّهارَ كانَ طلاقًا في الجاهليةِ فَنُسِخَ فلمْ يجزْ أنْ يُعَادَ إلى الأمرِ المنسوخِ، وأيضًا فأوسٌ إنَّما نَوَى بهِ الطلاقَ لما كانَ عليهِ فأُجْرِيَ عليهِ حكمُ الظهارِ دونَ الطلاقِ، وأيضًا فإنهُ صريحٌ في حُكْمِهِ، فلمْ يجزْ جعلُه كنايةً في الحكمِ الذي أبطلَ اللَّهُ شَرْعه، وقضاءُ اللَّهِ أحقُّ وحكم اللَّهِ أوجبُ.

* * *


(١) في "المسند" (٦/ ٤١٠).
(٢) في "السنن" رقم (٢٢١٤). وهو حديث صحيح، وقد تقدم قريبًا.
(٣) في "زاد المعاد" (٥/ ٣٢٥ - ٣٢٦).