للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لما في حديثِ أبي داودَ عن [خولة] (١) بنتِ مالكِ بن ثعلبةَ (٢) قالتْ: ظاهرَ منِّي زوجي أوسُ بنُ الصامتِ إلى أنْ قالَ لها رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يعتقُ رقبةً"، قالتْ: لا يجدُ، قالَ: "يصومُ شهرينِ متتابعينِ"، قالتْ: إنهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ منْ صيامٍ، قالَ: "يطعمُ ستينَ مِسْكِينًا"، قالتْ: ما عِندَهُ شيءٌ يتصدقُ بهِ، قالَ: "فإني سأعينُه بعرقٍ من تمر" الحديثَ، فلوْ كانَ يسقطُ عنهُ بالعجْزِ لأبانَهُ - صلى الله عليه وسلم - ولم يعنْهُ منْ عندِه. وذهبَ أحمدُ في روايةٍ وطائفةٌ إلى سقوطِها بالعجزِ كما تسقطُ الواجباتُ بالعجزِ عنْها وعنْ أبدالِها، وقيلَ إنَّها تسقطُ كفارةُ الوطْءِ في رمضانَ بالعجزِ عنْها لا غيرُها منَ الكفاراتِ، قالُوا: لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ المجامِعَ في نهارِ رمضانَ أنْ يأكلَ الكفارةَ هوَ وعيالُه والرجلُ لا يكونُ مصرفًا لكفارتهِ، وقالَ الأولونَ: إنما حلَّت لهُ لأنهُ إذا عجزَ وكفَّرَ عنهُ الغيرُ جازَ أنْ يصْرفَها [فيه] (٣) وهوَ مذهبُ أحمدَ في كفَّارةِ الوطْءِ في رمضانَ، ولهُ في غيرِها منَ الكفاراتِ قولانِ وهوَ نظيرُ ما قالتْه الهادويةُ منْ أنهُ يجوزُ للإمامِ إذا قبضَ الزكاةَ منْ شخصٍ أنْ يردَّها إليهِ.

العاشِرةُ: قالَ الخطابي (٤): دلَّ الحديثُ عَلَى أن الظِّهارَ المقيَّدَ كالظِّهَار المطْلَقِ، وهوَ إذا ظَاهرَ منِ امرأتِه إلى مدةٍ ثمَّ أصابَها قبلَ انقضاءِ تلكَ المدةِ. واختلَفُوا فيهِ إذا برَّ ولم يَحْنَثْ فقالَ مالكٌ وابنُ أبي لَيْلَى: إذا قالَ لامرأتِه أنتِ عليَّ كظهْرِ أمي إلى الليلِ لزِمْته الكفَّارةُ وإنْ لم يقربْها، وقالَ أكثرُ أهلِ العلمِ: لا شيءَ عليهِ إذا لم يقربْها، وجعلَ الشافعيُّ في الظِّهارِ المؤقتِ قولينِ أحدُهما أنهُ ليسَ بِظِهارِ.

فائدةٌ: قدْ يُتَوَّهَمُ أن سببَ نزولِ آيةِ الظِّهارِ حديثُ سلمةَ هذا لاتفاقِ الحكميْنِ في الآيةِ والحديثِ، وليسَ كذلكَ؛ بلْ سببُ نزولها قصةُ أوسِ بن الصامتِ ذكرَهُ ابنُ كثيرٍ في "الإرشادِ" منْ حديثِ خويلةَ بنتِ ثعلبةَ قالتْ: "فيَّ


(١) في (ب): "خويلة".
(٢) أخرجه أبو داود رقم (٢٢١٤)، وأحمد (٦/ ٤١٠). وهو حديث صحيح. انظر: "الإرواء" (٧/ ١٧٣ رقم ٢٠٨٧).
(٣) في (ب): "إليه".
(٤) في "معالم السنن" (٢/ ٦٦١ - هامش السنن).