للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَفي روَايَةٍ لِمُسْلِمٍ (١): وَهُوَ يُعَرِّضُ بأَنْ يَنْفِيَهُ، وَقَالَ في آخِرِه: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ في الانْتِفَاءِ مِنْهُ. [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أن رجلًا)، قالَ عبدُ الغني (٢): إنَّ اسمَهُ ضمضمُ بنُ قتادةَ، (قالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ امرأتي ولدتْ غلامًا أسودَ، قالَ: هلْ لكَ منْ إبلٍ، قالَ: نعمْ، قالَ: فما ألوانُها؟ قالَ: حُمْرٌ، قالَ: هلْ فيها منْ أَوْرَقَ) بالراءِ والقافِ بزنةِ أحمرَ، وهوَ الذي في لونِه سوادُ ليسَ بحالكٍ، (قالَ: نعمْ، قالَ: فأنَّى ذلكَ؟ قالَ: لعلَّه نَزَعَة) بالنونِ فزاي وعينٍ مُهْمَلَةٍ، أي جَذَبَهُ إليهِ (عِرْقٌ، قالَ: فلعلَّ ابنَكَ هذا نَزَعَهُ عرقٌ. متفقٌ عليهِ. وفي روايةٍ لمسلمٍ) أي عنْ أبي هريرةَ (وهوَ) أي الرجلُ (يعَرِّضُ بأنْ يَنْفِيَهُ، وقالَ في آخرهِ: ولمْ يرخِّصْ لهُ في الانتفاءِ منهُ).

قالَ الخطابيُّ (٣): هذا القولُ منَ الرجلِ تعريضٌ بالريبةِ، كأنهُ يريدُ نفيَ الولدِ، فحكَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ الولدَ للفراشِ ولم يجعلْ خلافَ الشَّبَهِ واللونِ دلالةً يجبُ الحكمُ بها، وضربَ لهُ المثلَ بما يوجدُ منِ اختلافِ الألوانِ في الإبلِ ولقاحِها واحدٌ. وفي هذا إثباتُ القياسِ وبيانُ أن المتشابهينِ حُكْمُهما منْ حيثُ الشبهِ واحدٌ، ثمَّ قالَ: وفيهِ دليلٌ على أن الحدَّ لا يجبُ في المكاني (٤) وإنَّما يجبُ بالقذف الصريحِ.

وقالَ المهلَّبُ: التعريضُ إذا كانَ على جهةِ السؤالِ لا حدَّ فيهِ، وإنَّما يجبُ الحدُّ في التعريضِ إذا كانَ على المواجهةِ والمشاتمةِ.

وقالَ ابنُ المنيِّرِ: يُفَرَّقُ بينَ الزوجِ والأجنبيِّ في التعريضِ بأنَّ الأجنبيَّ يقصدُ الأذيةَ المحضةَ، والزوجُ قد يُعْذَرُ بالنسبةِ إلى صيانةِ النسبِ.


= قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٢٢٦٠) و (٢٢٦١ و ٢٢٦٢)، والترمذي رقم (٢١٢٨)، والنسائي (٦/ ١٧٨ - ١٧٩)، وابن ماجه رقم (٢٠٠٢).
(١) في "صحيحه" رقم (١٩/ ١٥٠٠).
(٢) عبد الغني بن سعيد في "المبهمات" له من طريق قطبة بنت عمرو بن هرم أن مدلوكًا حدثها: "أن ضمضم بن قتادة ولد له مولود أسود من امرأة من بني عجل … " الحديث، ذكر ذلك ابن حجر في "الفتح" (٩/ ٤٤٣).
(٣) في "معالم السنن" (٢/ ٦٩٤) هامش السنن.
(٤) جمع كناية.