للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصدقتُها. ورواهُ ابنُ أبي شَيْبَةَ (١) عنْ عمرَ وَرَوَاهُ البيهقيُّ (٢) [وقصة المفقودِ أخرجَها البيهقيُّ وفيها أنهُ قالَ لعمرَ لما رجَعَ: إني خرجتُ لصلاةِ العشاءِ فسبتني الجنُّ فلبثتُ فيهمْ زمانًا طويلًا فغزاهمُ جنٌّ مؤمنونَ أوْ قالَ مسلمونَ، فقاتلُوهُم وظهروا عليهمْ فَسَبَوْا منهمْ سَبَايا فسبَوْني فيمن سَبَوْا منهم فقالُوا: نراكَ رجلًا مسلمًا لا يحل لنا سباؤُكَ فخيَّروني بينَ المقامِ وبينَ القُفولِ فاخترتُ القفولَ، فأقبلُوا معي فأما الليلُ فلا يحدِّثوني وأما النهارُ فعصار ريحٍ اتَّبعَها، فقالَ لهُ عمرُ: فما كان طعامُكَ فيهم؟ قالَ: الفولُ وما لا يذكرُ اسمُ اللَّهِ عليهِ، قالَ: فما شرابُك؟ قالَ: الجدفُ، قالَ قتادةُ: والجدفُ ما لا يخمَّرُ منَ الشراب] (٣). وفيهِ دليلٌ على أن مذهبَ عمرَ أن امرأةَ المفقودِ بعدَ مضيِّ أربعِ سنينَ منْ يومِ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلى الحاكمِ تَبينُ من زَوْجِهَا كما يفيدُه ظاهرُ روايةٍ الكتابِ، وإنْ كانتْ روايةُ ابن أبي شيبةَ دالَّة على أنهُ يأمرُ الحاكمُ وليَّ الفقيدِ بطلاقِ امرأتِه. وقدْ ذهبَ إلى هذَا مالكٌ وأحمدُ وإسحاقُ وهوَ أحدُ قَوْلَي الشافعيِّ وجماعةٌ منَ الصحابةِ بدليلِ فعْلِ عمرَ، وذهبَ أبو يوسفَ ومحمدٌ وروايةٌ عنْ أبي حنيفةَ وأحدُ قَوْلَي الشافعيِّ إلى أنَّها لا تخرجُ عن الزوجيةِ حتَّى يصحَّ لها موتُه أو طلاقُه أو رِدَّتُه، ولا بُدَّ منْ تَيَقُّنِ ذلكَ، قالُوا: لأنَّ عقدَها ثابتٌ بيقينٍ فلا يرتفعُ إلَّا بيقينٍ، وعليهِ يدلُّ ما رواهُ الشافعيُّ (٤) عنْ عليٍّ موقُوفًا: "امرأةُ المفقودِ امرأةٌ ابتليتْ فلتصبرْ حتَّى يأتيَها يقينُ موتِهِ"، قالَ البيهقيُّ (٥): هوَ عنْ عليٍّ مطوَّلًا مشهورًا. ومثلُه أخرجَه عنهُ عبدُ الرزاقِ (٦) قالتِ الهادويةُ: فإنْ لم يحصلِ اليقينُ بموتِه ولا طلاقِهِ تربصتٍ العمرَ الطبيعيَّ مائةً وعشرينَ سنةً، وقيلَ مائةً وخمسينَ إلى مائتينِ. وهذَا كما قالَ بعضُ المحققينَ قضيةٌ فلسفيةٌ طبيعيةٌ يتبرأُ الإسلامُ منْها إذِ الأعمارُ قَسْمٌ منَ الخالقِ الجبارِ، والقولُ بأنَّها العادةُ غيرُ صحيحةٍ كما يعرفُه كل مميز، بلْ هوَ أندرُ النادرِ، بلْ مُعْتَرَكُ المنايا كما أخبرَ بهِ الصادقُ بينَ الستينَ والسبعينَ، وقالَ الإمامُ يحيى: لا وجْهَ للتربُّصِ لكنْ إنْ تركَ لها الغائبُ [ما تقوم به] (٧) فهوَ كالحاضرِ، إذْ لم


(١) في "المصنف" (٤/ ٢٣٨).
(٢) في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٤٦).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) في "الأم" (٥/ ٢٤١).
(٥) في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٤٤).
(٦) في "المصنف" (٧/ ٩٠ رقم ١٢٣٣٢).
(٧) في (ب): "ما يقوم بها".