للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للمرأةِ وقدْ يُعَبَّرُ بهِ عنْ حالةِ الافتراشِ، وذهبَ أبو حنيفةَ إلى أنهُ اسمٌ للزوْجِ ثمَّ اختلفُوا بماذَا يثبتُ، فعندَ الجمهورِ إنَّما يثبتُ للحرَّةِ بإمكانِ الوطْءِ في نكاحٍ صحيحٍ أوْ فاسدٍ وهوَ مذهبُ الهادويةِ والشافعيِّ وأحمدَ، وعندَ أبي حنيفةَ أنهُ يثبتُ بنفسِ العقْدِ وإنْ علمَ أنهُ لم يجتمعْ بها بلْ ولو طلَّقها [عقيبهُ] (١) في المجلسِ [ثبت الفراش] (٢)، وذهبَ ابنُ تيميةَ إلى أنهُ لا بدَّ منْ معرفةِ الدخولِ المحقَّقِ واختارَهُ تلميذُه ابنُ القيِّمِ قالَ: وهلْ يَعُدُّ أهلُ اللغةِ وأهلُ [المعرفة] (٣) المرأةَ فِرَاشًا قبلَ البناءِ بها، وكيفَ تأتي الشريعةُ بإلحاقِ نسبِ منْ لم يَبْنِ بامرأتِهِ ولا دخلَ بِها ولا اجتمعَ بها لمجردِ إمكانِ ذلكَ، وهذَا الإمكانُ قدْ يُقْطَعُ بانتفائِه عادةً فلا تصيرُ المرأةُ فِرَاشًا إلا بدخولٍ محقَّقٍ. قالَ في "المنارِ" (٤): "هذا هوَ المتيقنُ ومِنْ أينَ لنا الحكمُ بالدخولِ بمجردِ الإمكانِ فإنَّ غايتَهُ أنهُ مشكوكٌ فيهِ ونحنُ متعبَّدونُ في جميعِ الأحكامِ بعلمٍ أو ظنٍّ، والممكنُ أعمُّ منَ المظنونِ، والعجبُ منْ تطبيقِ الجمهورِ بالحكمِ معَ الشكِّ" فظهرَ لكَ قوةُ كلامِ ابن تيميةَ وهوَ روايةٌ عنْ أحمدَ هذا في ثبوتِ فراشِ الحرَّةِ، وأما ثبوتُ فراشِ الأمَةِ فظاهرُ الحديثِ شمولُه لهُ وأنهُ يثبتُ الفراشُ للأَمَةِ بالوطْءِ إذا كانتْ مملوكةً للواطِئِ أو في شبهةِ مِلْكٍ إذا اعترفَ السيِّدُ أو ثبتَ بوجهٍ. والحديثُ واردٌ في الأَمَةِ ولفظُه في روايةٍ عائشةَ (٥) قالتْ: اختصمَ سعدُ بنُ أبي وقاصٍ وعبدُ بنُ زمعةَ في غلام، فقالَ سعدٌ: يا رسولَ اللَّهِ هذا ابنُ أخي عتبة (٦) بنَ أبي وقاصٍ عهدَ إليَّ أنهُ ابنه انظر إلى شِبْهِهِ، وقالَ عبدُ بنُ زمعةَ: هذا أخي يا رسولَ اللَّهِ وُلدَ على فراشِ أبي منْ وليدتِه. فنظرَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى شِبْهِهِ فَرأى شَبَهًا بَيِّنًا بعتبةَ فقالَ: "هوَ لكَ يا عبدُ بنُ زمعةَ، الولدُ للفراشِ وللعاهرِ الحَجَرُ واحتجبي منهُ يا سودةُ"، فأثبتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الولدَ بفراشِ زمعةَ للوليدةِ المذكورةِ فسببُ الحكمِ ومحلُّه إنَّما كانَ في الأمَةِ. وهذَا قولُ الجمهورِ وإليه ذهبَ الشافعيُّ ومالكٌ والنخعُّي وأحمدَ وإسحاقُ، وذهبتِ الهادويةُ


(١) في (أ): "عقيب".
(٢) زيادة من (أ).
(٣) في (ب): "العرف".
(٤) للمقبلي (١/ ٥١٧).
(٥) تقدم تخريج حديث عائشة في حديث الأب.
(٦) مات عتبة هذا كافرًا وكان أوصى أخاه سعدًا باستلحاق هذا المولود الذي ولد على فراش زمعة.