للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قدمي أسامةَ بنَ زيدٍ وزيدٍ إنَّ هذهِ الأقدامَ بعضُها منْ بعضٍ، فاستبشَر - صلى الله عليه وسلم - بقولِه وقرَّرَهُ على قيافتِه، وسيأتي الكلامُ فيهِ آخرِ بابِ الدَّعاوَى (١)، وبما ثبتَ منْ قولِه في قصةِ اللِّعانِ (٢): إنْ جاءتْ بهِ على صفةِ كَذَا فهوَ لفلانٍ، أو علَى صفةِ كَذَا فهوَ لفلانٍ، فإنهُ دليلُ الإلحاقِ بالقيافةِ ولكنْ مَنَعَتْهُ الأيمانُ عن الإلحاقِ، فدلَّ على أن القيافةَ مقتضٍ لكنَّه [عارضَ] (٣) العملَ بها المانعُ؛ وبأنهُ - صلى الله عليه وسلم - قال لأمِّ سُلَيْمٍ لما قالتْ: أوَ تَحتلمُ المرأةُ؟ فقال: فمنْ أينَ يكونُ الشَّبَهُ (٤)؟ ".

ولأنهُ أمرَ سودةَ بالاحتجاب كما سلفَ لما رأى منَ الشَّبَهِ؛ وبأنهُ قالَ للذي ذكرَ لهُ أن امرأتَه [ولدت] (٥) علىَ غيرِ لونِه: لعلَّه نَزَعَهُ عِرْقٍ (٦)، فانهُ ملاحظةٌ للشَّبهِ ولكنَّه لا حكمَ للقيافةِ معَ ثبوتِ الفراشِ في ثبوتِ النسبِ.

وقدْ أجابَ النُّفاةُ للقيافةِ بأجوبةٍ لا تخلُو عنْ تكلُّفِ، والحكمُ الشرعيُّ يثبتُه الدليلُ الظاهرُ، فالتكلفُ لردِّ [الظواهرِ] (٧) منَ الأدلةِ [محاباة] (٨) عن المذْهبِ ليسَ منْ شأنِ المتَّبعِ لما جاءَ عن اللَّهِ وعنْ رسوله، وأما الحصْرُ في حديثٍ: الولدُ للفراشِ، فنعمْ هوَ لا يكونُ الولدُ إلا للفراشِ معَ ثبوتهِ والكلامُ مع انتفائِهِ؛ ولأنهُ قدْ يكونُ حَصْرًا أغلبيًا وهوَ غالبُ ما يأتي منَ الحصرِ، فإنَّ الحصْرَ الحقيقيَّ قليلٌ فلا يقالُ قدْ رجعتُم إلى ما ذممتُم منَ التأويلِ.

وأما قولُه: وللعاهر - أي الزَّاني - الحجرُ، فالمرادُ به الخيبةُ والحِرْمانُ، وقيلَ: لهُ الرميُ بالحجارةِ، إلا أنهُ لا يخْفَى أنه [يقتصر] (٩) الحديثُ على الزاني المحصَنِ والحديثُ عام.

* * *


(١) رقم الحديث (١٠/ ١٣٣٦)، من كتابنا هذا.
(٢) وهو حديث متفق عليه، تقدَّم تخريجه برقم (٣/ ١٥٣٢) من كتابنا هذا.
(٣) في (أ): "عارضه".
(٤) أخرجه مسلم رقم (٣٠/ ٣١١) من حديث أنس.
(٥) في (ب): "أتت بولد".
(٦) وهو حديث متفق عليه، تقدم تخريجه رقم (٩/ ١٥٣٨) من كتابنا هذا.
(٧) في (أ): "الظاهر".
(٨) في (ب): "محاماة".
(٩) في (ب): "يقصرُ".