للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دقيقِ العيدِ بما ليسَ بناهضٍ. وفي الحديثِ دليلٌ على أن لغيرِ الأبِ أنْ يستلْحقَ الولدَ، فإنَّ عبدَ بنَ زمعةَ استلحقَ أخاهُ بإقرارهِ [بالفراش] (١) لأبيهِ وظاهرُ الروايةِ أن ذلك يصح وإن لم يصدقْه الورثةُ فإنَّ سودَة لم يذكرْ منْها تصديقٌ ولا إنكارٌ إلا أنْ يُقَالَ إنَّ سكوتَها قائمٌ مقامَ الإقرارِ، وفي المسئلةِ قولانِ:

الأول: أنهُ إذا كان المستلحقُ غيرَ الأبِ ولا وارثَ غيرُه وذلكَ كأنْ يستلحقُ الجدُّ ولا وارثَ سواهُ صحَّ إقرارُه وثبتَ نسبُ المقرِّ به [كذا] (٢) إنْ كانَ المستحلقُ بعضَ الورثةِ وصدَّقَهُ الباقونَ والأصلُ في ذلكَ أن مَنْ حازَ المالَ ثبتَ النسبُ بإقرارِه واحِدًا كانَ أو جماعةً، وهذا مذهبُ أحمدَ والشافعيِّ لأنَّ الورثةَ قامُوا مقامَ الميِّتِ وحلُّوا محلَّهُ.

الثاني: للهادويةِ أنهُ لا يصحُّ الاستلحاقُ منْ غيرِ الأبِ وإنَّما المقَرُّ بِه يشاركُ المقِرَّ في الإرثِ دونَ النسبِ، ولكنَّ قولَه - صلى الله عليه وسلم - لعبدٍ هوَ أخوكَ كما أخرجَه البخاريُّ (٣) دليلُ ثبوتِ النسبِ في ذلكَ. ثمَّ اختلفَ القائلونَ بلحوقِ النسبِ بإقرارِ غيرِ الأب هلْ هوَ إقرارُ خلافةٍ ونيابةٍ عن الميِّتِ فلا يشترطُ عدالةُ المستلْحَقِ [بلْ] (٤) وَلا إسلامُه، أوْ هوَ إقرارُ شهادةٍ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ أهليةُ الشهادةِ؟ فقالتِ الشافعيةُ وأحمدُ: إنهُ إقرارُ خلافةٍ ونيابةٍ، وقالتِ المالكية: إنهُ إقرارُ شهادةٍ، و [استدلت] (٥) الهادويةُ والحنفيةُ بالحديثِ على عدمِ ثبوتِ النَّسبِ بالقيافة لقولِه: "الولدُ للفراشِ" (٦)، قالُوا: ومثلُ هذَا التركيبِ يفيدُ الحصرَ ولأنهُ لو ثبتَ بالقيافةِ لكانتْ قدْ حصلتْ بما رآهُ منْ شَبَهِ المدَّعِي بهِ بعتبةَ ولم يحكمْ لهُ بهِ بلْ حُكِمَ بهِ لغيرِه، وذهبَ الشافعيُّ وغيرُه إلى ثبوت النسبِ بالقيافة إلا أنهُ إنما يثبتُ بها فيما حصلَ منْ وطْأَيْنِ محرَّميْنِ كالمشتري والبائع يطآنِ الجاريةَ في طُهْرٍ قبلَ الاستبراءِ واستدلُّوا بما أخرَجَهُ الشيخانِ (٧) منِ استبشارِهِ - صلى الله عليه وسلم - بقولِ مُجَزِّزٍ المدلجيِّ وقد رَأَى


(١) في (ب): "بأن الفراش".
(٢) في (ب): "كذلك".
(٣) في "صحيحه" رقم (٤٣٠٣) من حديث عائشة.
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (ب): "استدل".
(٦) وهو حديث صحيح، تقدَّم تخريجه رقم (١٩/ ١٠٥٧) من كتابنا هذا.
(٧) أخرجه البخاري رقم (٣٥٥٥)، ومسلم رقم (١٤٥٩)، من حديث عائشة.