للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنْ سعيدِ بن المسيبِ - رضي الله عنه - فِي الرَّجلِ لا يجدُ ما ينفق على أهلِه قالَ: يفرَّق بينَهما. أخرجَه سعيدُ بن منصورٍ عنْ سفيانَ عنْ أبي الزنادِ عنه - رضي الله عنه - قالَ: قلت لسعيدِ بن المسيَّبِ: سنةٌ؟ قالَ: سنَّةٌ. وهذا مرسَلٌ قويٌّ)، ومراسيلُ سعيدٍ معمولٌ بها لما عُرِفَ أنهُ لا يُرْسِلُ إلَّا عنْ [عدل] (١). قالَ الشافعيُّ: والذي يُشْبِهُ أنْ يكونَ قولُ سعيدٍ سنَّةَ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وأما قولُ ابنُ حزمٍ (٢): لعلَّه أراد سنَّةَ عمرَ فإنَّهُ خلافُ الظاهرِ، وكيفَ يقول له [القائل] (٣) سنةٌ ويريدُ سؤالَه عنْ سُنَّة عمرَ - رضي الله عنه - هذا مما لا ينبغي حملُ الكلامِ عليه، وهلْ سألَ السائلُ إلَّا عنْ سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وإنَّما قالَ جماعة إنهُ إذا قالَ الراوي منَ السنَّةِ فإنهُ يُحْتَمَلُ أنْ يريدَ سُنَّةَ الخلفاءِ إذا قال من السنة كذا، وأما بعدَ سؤالِ الراوي فَلَا يريدُ السائلُ إلَّا سنَّةَ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجبُ المجيبُ إلا عنْها لا عنْ سنةِ غيرِه، لأنهُ إنَّما [يسأل] (٤) عما هوَ حُجَّةٌ وهوَ سنَّتُهُ - صلى الله عليه وسلم -. وقدْ أخرجَ الدارقطني (٥) والبيهقي (٦) منْ حديثِ أبي هريرةُ مرفُوعًا بلفظِ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "في الرجلِ لا يجدُ ما ينفقُ على امْرأَتِهِ قالَ: يُفَرَّقُ بينَهما". وأما دعوى المصنِّفِ أنهُ وَهِمَ الدارقطنيُّ فيهِ، وتبعَهُ البيهقي على الوهْم فهوَ غيرُ صحيح، وقدْ حقَّقْنَاهُ في "حواشي ضوءِ النهارِ" (٧)، وسيأتي كتابُ عمرَ إلى أَمراءِ الأجنادِ (٨) في أنَّهم يأخذونَ على مَنْ عندَهم مِنَ الأجنادِ أنْ يُنْفقُوا أو يطلِّقُوا. وقدِ اختلفَ العلماءُ في هذا الحكمِ وهو فسخُ الزوجيَّةِ عندَ إعسارِ الزوج على أقوالٍ:

الأول: ثبوتُ الفسخِ وهوَ مذهبُ عليٍّ وعمرَ وأبي هريرةَ وجماعةٍ منَ التابعينَ ومنَ الفقهاءِ مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ (٩)، وقال بهِ أهلُ الظاهر (١٠) مستدلِّينَ بما ذُكِرَ وبحديثِ: "لا ضَررَ ولا ضِرارَ" (١١)، وتقدَّمَ تخْريجُهُ وبأنَّ النفقةَ في مقابلِ


(١) في (ب): "ثقة".
(٢) في "المحلَّى" (١٠/ ٩٥).
(٣) في (ب): "السائل".
(٤) في (ب): "سأل".
(٥) في "السنن" (٣/ ٢٩٧ رقم ١٩٤).
(٦) في "السنن الكبرى" (٥/ ٦٦).
(٧) (٣/ ١٠٨٥ - ١٠٨٧).
(٨) سيأتي تخريجه رقم (١٠/ ١٠٧٨) من كتابنا هذا.
(٩) انظر: "المغني" (١١/ ٣٦١).
(١٠) في "المحلَّى" (١٠/ ٩٥) لابن حزم الظاهري اختيار عدم الفسخ.
(١١) تقدم تخريجه أثناء شرح الحديث رقم (١٤/ ١٠٥٢) من كتابنا هذا.