كتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام - ت حلاق

[باب. . .] - عظم شأن دم الإنسان - ج: 7 - ص: 9

الدماءِ". ويأتي كلُّ قتيلٍ قدْ حملَ رأسَهُ يقولُ: يا ربِّ سلْ هذا فيمَ قَتَلَني - الحديثَ" (١).

وفي حديثِ ابن عباسٍ (٢) يرفعُه: "يأتي المقتولُ معلِّقًا رأسَهُ بِإحْدَى يديْهِ ملبِّبًا قاتلَهُ بيدِه الأُخْرى، تشحطُ (٣) أوداجُه دمًا حتَّى يَقِفَا بينَ يدي اللهِ تعالَى"، وهذا في القضاءِ في الدماءِ.

وفي القضاءِ في الأموالِ ما أخرجَهُ ابنُ ماجهْ (٤) منْ حديثِ ابن عمرَ يرفعُه: "منْ ماتَ وعليهِ دينارٌ أوْ دِرْهَمٌ قَضَى منْ حسناتِهِ". وفي معناهُ عِدَّةُ أحاديثَ، وأنَّها إذا فنيتْ حسناتُه قبلَ أنْ يَقْضِيَ ما عليهِ طُرحَ عليهِ منْ سيِّئاتِ خَصْمِهِ، وأُلْقِيَ في النَّارِ. وقدِ استشكلَ ذلكَ بأنهُ كيفَ يُعْطَى الثوابَ وهوَ لا يتناهى في مقابلةِ العقابِ وهوَ يتناهى يعني على القولِ بخروجِ الموحِّدينِ مِنَ النارِ.

وأجابَ البيهقي بأنهُ يُعْطَى منْ حسناتِهِ ما يوازي عقوبةَ سيئاتِه منْ غيرِ المضاعفةِ التي يضاعِفُ اللَّهُ بها الحسناتِ، لأنَّ ذلكَ منْ محضِ الفضْلِ الذي

---

(١) • أخرج الطبراني في "الأوسط" رقم (٧٦٦) عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجيءُ المقتول آخذًا قاتلهُ، وأوداجُهُ تشخب دمًا عند ذي العزة، فيقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: فيمَ قتلتهُ؟ قال: قتلتُهُ لتكون العزة لفلانِ، قيل: هي لله".
وأورده الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٢٩٧) وقال: وفيه الفيض بن وثيق، وهو كذاب خبيث.
• وقد أخرج النسائي (٧/ ٨٤)، بإسناد رجاله رجال الصحيح نحوه عن ابن مسعود أيضًا.
(٢) وهو حديث حسن.
أخرجه الترمذي رقم (٣٠٢٩) وقال: حسن غريب. والنسائي (٧/ ٨٥ و ٨٧)، والطبراني في "الأوسط" رقم (٤٢١٧).
وأورده الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٢٩٧)، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح.
(٣) تشحَّط في دمه: تخبَّط فيه. والمراد تسيل دمًا لما جاء في رواية أخرى.
(٤) في "السنن" رقم (٢٤١٤).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٢/ ٢٤٥ رقم ٨٤٧ - ٢٤١٤): "هذا إسناد فيه مقال، مطرَ الوراق مختلف فيه، ومحمد بن ثعلبة بن سواء قال فيه أبو حاتم: أدركته ولم أكتب عنه. ولم أر لغيره من الأئمة فيه كلامًا، وباقي رجال الإسناد ثقات" اهـ. وللحديث شواهد من حديث أبي هريرة وثوبان وأبي موسى …
فهو صحيح لغيره، واللَّهُ أعلم.