للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشيعةِ كانُوا يزعمونَ أن لأَهْلِ البيتِ عليهم السلام لا سيِّما عليًا [اختصاصًا] (١) بشيءٍ منَ الوحْي لم يطَّلعْ عليهِ غيرُه، وقدْ سألَ عليًا - رضي الله عنه - عنْ هذهِ المسألةِ غيرُ أبي جحيفةَ [أيضًا] (٢). ثمَّ الظاهرُ أن المسؤولَ عنهُ هوَ ما يتعلَّقُ بالأحكامِ الشرعيةِ منَ الوحْي الشاملِ لكتابِ الله المعجزِ وسُنَّةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ اللَّهَ تعالَى سمَّاهَا وَحْيًا إذْ فسَّرَ قولَه تعالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (٣) بما هوَ أعمُّ منَ القرآنِ، ويدلُّ عليهِ قولُه: (وما في هذهِ الصحيفةِ)، فلا يلزمُ منهُ نفيُ ما نُسِبَ إلى عليٍّ عليه السلام منَ الجفْر وغيرِه (٤).

وقدْ يقالُ: إنَّ هذَا داخلٌ تحتَ قولِه: (أو فهم يعطيهِ اللهُ تعالَى رجلًا في القرآن)، فإنهُ كما نُسِبَ إلى كثيرٍ ممنْ فتحَ اللَّهُ عليهِ بأنواعِ العلومِ ونوَّرَ بصيرتَه أنهُ يستنبطُ ذلكَ منَ القرآن. [ومن لم يكن كذلك فهو حابط في ظلمات الجهل] (٥).

والحديثُ قدِ اشتملَ على مسائلَ:

الأولَى: العقلُ وهوَ الديةُ ويأتي تحقيقُها [في بابها] (٦).

والثانيةُ: فِكاكُ الأسيرِ أي حكمُ تخليصِ الأسيرِ منْ يدِ العدوِّ، وقدْ وردَ الترغيبُ في ذلكَ.

والثالثةُ: عدمُ قتلِ المسلمِ بالكافرِ قَوَدًا، وإلى هذَا ذهبَ الجماهيرُ وأنهُ لا يُقْتَلُ ذو عَهْدٍ في عَهْدِهِ. فَذُو العهدِ الرجلُ مِنْ أهلِ دارِ الحربِ يدخلُ علينا بأمانٍ، فإنَّ قَتْلَهُ [حرام] (٧) علَى المسلمِ حتَّى يرجعَ إلى مَأمَنِهِ، فلوْ قَتَلَهُ مسلمٌ فقالتِ الحنفيةُ: يُقْتَلُ المسلمُ بالذِّميِّ إذا قتلَه بغيرِ استحقاقٍ ولا يُقْتَلُ بالمستَأمَنِ، واحتجُّوا بقولِه في الحديثِ: (ولا ذو عهدٍ في عهدِهِ) فإنهُ معطوفٌ على قولهِ: مؤمنٌ، فلا بدَّ منْ تقييدٍ في الثاني كما في الطرفِ الأوَّلِ فيقدَّرُ ولا ذُو عهدٍ في


(١) في (أ): "اختصاصٌ".
(٢) زيادة من (ب).
(٣) سورة النجم: الآية ٣.
(٤) لعله يريد رحمه الله ما ينسبه الرافضة إلى آل البيت من التحدث عن الغيب، ومثل هذا لا يحل نسبته لعلي - رضي الله عنه - ولا لغيره من الموحِّدين، بعدما ثبت الدليل من القرآن والسنة أن الغيب لا يعلمه إلا الله. وأن الجفر هذا قول على الله بلا علم وهو من أمر الشيطان. وعفى الله عن الصنعاني في تلك القولة التي لا تليق بمثله، والكمال لله وحده.
(٥) زيادة من (أ).
(٦) زيادة من (أ).
(٧) في (ب): "محرم".