للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنة) أي عنْ عمرِو بنِ شعيبٍ عنْ أبيهِ عنْ جدِّه (قالَ: قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: عقلُ أهل الذمةِ نصفُ عقلِ المسلمينَ. رواهُ أحمدُ والأربعةُ، ولفظُ أبي داودَ: ديةُ المعاهدِ نصفُ ديةِ الحرِّ. وللنسائيِّ: عقلُ المرأةِ مثلُ عَقْلِ الرجلِ حتَّى يبلغَ الثلثَ منْ دِيَتَها. وصحَّحَهُ ابنُ خزيمةَ)، لكنَّه قالَ ابنُ كثيرٍ إنهُ منْ روايةِ إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ وهوَ إذا رَوَى عنْ غيرِ الشاميينَ لا يُحْتَجُّ بهِ عندَ جمهورِ الأئمةِ وهذَا منهُ.

قلتُ: تعنَّتُوا في إسماعيلَ بنِ عياشٍ إذا رَوَى عنْ غيرِ الشاميينَ وقَبولُه في الشاميينَ، والذي يُرَجَّحُ عندَ الظنِّ قبولُه مُطْلَقًا لثقتِه وضَبْطِه، وكأنهُ لذلكَ صحَّحَ ابنُ خزيمةَ هذهِ الروايةَ وهيَ عنْ إسماعيلَ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ، وابنُ جريجٍ ليسَ بشاميٍّ.

واعلمْ أنهُ اشتملَ الحديثُ على مسألتينِ.

الأُوْلَى: في دِيَةِ أهلِ الذمةِ وهاهُنا للعلماءِ ثلاثةُ أقوالٍ:

الأولُ: أنَّها نصفُ ديةِ المسلمِ كما أفادهُ الحديثُ.

قالَ الخطابيُّ في "معالِمِ السُّننِ" (١): ليسَ في ديةِ أهلِ الكتابِ شيءٌ أَبْيَنُ مِنْ هذَا وإليهِ ذهبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وعروةُ بنُ الزبيرِ، وهوَ قولُ مالكٍ، وابنِ شِبْرَمةَ، وأحمدَ بنِ حنبلٍ، غيرَ أنَّ أحمدَ قالَ: إذا كانَ القتلُ خطأً، فإنْ كانَ عَمْدًا لم يُقَدْ بهِ وتُضَاعَفْ عليهِ اثني عشَرَ ألفًا.

وقالَ أصحابُ الرأي وسفيانُ الثوريُّ: ديتُه ديةُ المسلمِ وهوَ قولُ الشعبيِّ والنخعيِّ ويُرْوَى ذلكَ عنْ عمرَ وابنِ مسعودٍ.


= قلت: وقال الزيلعي في "نصب الراية": (٤/ ٣٦٤ - ٣٦٥): "وبسند أبي داود ومتنه رواه أحمد، وابن راهويه، والبزار في مسانيدهم. ولفظ ابن راهويه، قال: "دية الكافر، والمعاهد نصف دية الحر المسلم".
• وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (٧٥٨٢)، وأورده الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٢٩٩)، وقال: وفيه جماعة لم أعرفهم. قلت: رجال الإسناد كلهم معروفون، غير أن النضر بن عبد اللهِ الأزدي، أبو غالب. مجهول وأشعث بن سوار الكندي ضعيف. والخلاصة: أنَّ الحديث حسن، وقد حسَّنه الألباني في "الإرواء" رقم (٢٢٥١).
(١) (٤/ ٧٠٧) - "هامش السنن".