للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ الشافعيُّ وإسحاقُ بنُ راهَويْهِ: ديتُه الثلثُ منْ ديةِ المسلمِ"، انتهى. فعرفتَ أنَّ دليلَ القولِ الأولِ حديثُ [الباب] (١).

واستدلَّ "للقولِ الثاني" وهوَ قولُ الحنفيةِ وإليه ذهبَ الهادويةُ بقولِه تعالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (٢)، قالُوا: فَذَكَرَ الديةَ والظاهرُ فيها الإكمالُ، وبما أخرجَهُ البيهقيُّ (٣) عنِ ابنِ جريجٍ عنِ الزُّهْرِيّ قالَ: كانتْ ديةُ اليهوديِّ والنصرانيِّ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَ ديةِ المسلمينَ. الحديثَ". وأُجِيْبَ بأنَّ الديةَ مجملةٌ وحديثُ الزُّهْريِّ مرسلٌ، ومراسيلُ الزهريِّ قبيحةٌ وذَكَرُوا آثارًا كلُّها ضعيفةٌ الإسنادِ.

ودليلُ "القولِ الثالثِ" هوَ مفهومُ قولهِ في حديثِ عمرِو بنِ حزمٍ (٤): "وفي النَّفْسِ المؤمنةِ مائةٌ منَ الإبِلِ"، فإنهُ دلَّ على أنَّ غيرَ المؤمنةِ بخلافِها، وكأنهُ جعلَ بيانَ هذَا المفهومَ ما أخرجَهُ الشافعيُّ (٥) نفسُه عنِ ابنِ المسيِّبِ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ - رضي الله عنه - "قَضَى في ديةِ اليهوديِّ والنصرانيِّ بأربعةِ آلافٍ، وفي ديةِ المجوسيِّ بثمانمائةٍ"، ومثلُه (٦) عنْ عثمانَ - رضي الله عنه -، فجعلَ قضاءَ عمرَ - رضي الله عنه - مبيّنًا للقدْر الذي أَجْملَهُ مفهومَ الصفةِ، ولا يخْفَى أنَّ دليلَ القولِ الأوَّلِ أَقْوَى لا سيِّما وقدْ صحَّحَ الحديثَ إمامانِ منْ أئمةِ السُّنةِ.

دية المرأة وأرش جراحها على النصف من الرجل

المسألةُ الثانيةُ: ما أفادَه قولُه: (وللنسائيِّ) أي منْ حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ عنْ أبيهِ عنْ جدِّهِ (عقلُ المرأةِ مثلُ عَقْلِ الرجلِ حتَّى يبلغَ الثلثَ منْ ديتِها).

هوَ دليلٌ على أنَّ أَرْشَ جراحاتِ المرأةِ يكونُ كأرشِ جراحاتِ الرَّجلِ إلى


(١) في (ب): "الكتاب".
(٢) سورة النساء: الآية ٩٢.
(٣) في "السنن الكبرى" (٨/ ١٠٢) مرسلًا عن الزهري ومراسيله قبيحة.
(٤) تقدم تخريجه برقم (١/ ١١٠٤)، من كتابنا هذا.
(٥) في "بدائع المنن" (٢/ ١٨٣ رقم ١٤٧٢)، وأخرجه الدارقطني (٣/ ١٣٠ رقم ١٥٣)، والبيهقي (٨/ ١٠١).
(٦) في "بدائع المنن" (٢/ ١٨٣ رقم ١٤٧٣).