للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناشزَ كعبًا، ولا خلافَ في تسميتِهِ. وقدْ [أيَّدْنا] (١) في حواشي (ضوءِ النَّهارِ) (٢) أرجحيةَ مذهبِ الجمهور بأدلةٍ هنالكَ، (ثمَّ اليسرى مثلَ ذلكَ) أي إلى الكعبينِ ثلاثَ مراتٍ.

(ثمَّ قالَ) أي: عثمانُ (رأيتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - توضأَ نحوَ وضوئي هَذَا. متفقٌ عليهِ). وتمامُ الحديثِ: (فقالَ - أي رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ توضأَ نحوَ وضوئي هَذَا، ثم صلَّى ركعتينِ لا يحدِّثُ فيهما نفسه، غفرَ له ما تقدمَ مِنْ ذنبِهِ)، أي لا يحدثُ فيهما نفسَهُ بأمورِ الدُّنيا، وما لا تعلقَ لهُ بالصلاةِ، ولوْ عرضَ لهُ حديثٌ فأعرضَ عَنه بمجردِ عروضهِ عفي عنهُ، ولا يعدُّ محدِّثًا لنفسهِ.

واعلمْ أن الحديثَ قد أفادَ الترتيبَ بينَ الأعضاءِ المعطوفةِ بثُمَّ، وأفادَ التثليثَ، ولمْ يدلّ على الوجوبِ؛ لأنهُ إنَّما هوَ صفةُ فعلٍ ترتبتْ عليهِ فضيلة، ولمْ يترتبْ عليهِ عدمُ إجزاءِ الصلاةِ، إلَّا إذا كانَ بصفتِهِ، وَلا وردَ بلفظٍ يدلُّ على إيجابِ صفاتهِ.

فأمَّا الترتيبُ، فخالفتْ فيهِ الحنفيةُ، وقالُوا: لا يجبُ. وأمَّا التثليثُ، فغيرُ واجب بالإجماعِ، وفيهِ خلافٌ شاذٌّ. ودليلُ عدم وجوبهِ تصريحُ الأحاديثِ بأنُه - صلى الله عليه وسلم - توضأَ مرتينِ مرتينِ (٣)، ومرةً مرةً (٤)، وبعضَ الأَعضاءِ ثلَّثَها وبعضَها بخلافِ ذلكَ، وصرَّحَ في وضوءِ مرةٍ مرةٍ أنهُ لا يقبلُ اللَّهُ الصلاةَ إلا بهِ.

وأمَّا المضمضةُ والاستنشاقُ فقدِ اخْتُلفَ في وجوبِهمَا، فقيلَ: يجبانِ لثبوتِ


(١) في النسخة (أ): (بينا).
(٢) (١/ ٢٠٨).
(٣) كالحديث الذي أخرجه البخاري (١/ ٢٥٨) رقم (١٥٨)، وأحمد (٤/ ٤١)، والبيهقي (١/ ٧٩)، والدارقطني (١/ ٩٣) رقم (١٠) من حديث عبد الله بن زيد.
(٤) كالحديث الذي أخرجه البخاري (١/ ٢٥٨) رقم (١٥٧)، والترمذي (١/ ٦٠) رقم (٤٢)، وأبو داود (١/ ٩٥) رقم (١٣٨)، والنسائي (١/ ٦٢)، وابن ماجه (١/ ١٤٣) رقم (٤١١).
من حديث ابن عباس.
قلت: وأما الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، فورد من حديث عثمان مختصرًا، أخرجه مسلم (١/ ٢٠٧) رقم (٩/ ٢٣٠)، وأحمد (١/ ٥٧).
وقد ورد أيضًا من حديث علي بن أبي طالب. أخرجه أبو داود (١/ ٨١) رقم (١١١)، والترمذي (١/ ٦٧) رقم (٤٨)، والنسائي (١/ ٦٨)، وابن ماجه (١/ ١٤٤) رقم (٤١٣)، وأحمد في (المسند) (١/ ١١٤)، وهو حديث صحيح.