للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وثبتَ عن ابن عمرَ (١) الاكتفاءُ بمسحِ بعضِ الرأسِ. قالَ ابنُ المنذرِ وغيرُهُ: ولمْ ينكِرْ عليهِ أحدٌ منَ الصحابةِ. ومنَ العلماءِ مَنْ يقولُ لا بُدَّ مِنْ مسحِ البعضِ منَ التكميلِ على العمامةِ؛ لحديثِ المغيرةِ وجابرٍ عندَ مسلم (٢). ولم يذكرْ في هذهِ الروايةِ تكرارَ مسحِ الرأسِ كما ذكرهُ في غيرِها، وإنْ كانَ قَدْ طوى ذكرَ التكرارِ أيضًا في المضمضةِ كما عرفتَ، وعدمُ الذكرِ لا دليلَ فيه. ويأتي الكلامُ في ذلك.

(ثُمَّ غَسَلَ رِجْلهُ اليُمْنى إلى الكعبين ثلاثَ مراتٍ)، الكلامُ في ذلكَ كما تقدَّمَ في يدِهِ اليمنى إلى المرفقِ، إلَّا أن المرافقَ قدْ اتُّفِقَ علَى مُسَمَّاهَا بخلافِ الكعبينِ فوقعَ في المرادِ بهمَا هنا خلافٌ. فالمشهورُ إنَّهُ العظمُ الناشزُ عندَ ملتقَى الساقِ، وهوَ قولُ الأكثرِ، وحُكِيَ عنْ أبي حنيفةَ والإماميةِ أنهُ العظمُ الذي في ظهرِ القدمِ عندَ معقدِ الشراكِ. وفي المسألةِ مناظراتٌ ومقاولاتٌ طويلةٌ.

قال في الشرحِ: ومِنْ أوضحِ الأدلةِ - أي على ما قاله الجمهورُ - حديثُ النعمانِ بن بشير (٣) في صفةِ الصفِ في الصلاةِ: "فرأيتُ الرجُلَ منَّا يُلْزِقُ كعبَه بكعبِ صاحبِهِ".

قلتُ: ولا يخفى أنهُ لا أنهضيَّة فيهِ؛ لأنَّ المخالفَ يقولُ: أنا أسميهِ كعبًا، ولا أخالفُكمْ فيهِ لكني أقولُ: إنهُ غيرُ المرادِ في آيةِ الوضوءِ، إذِ الكعبُ يطلقُ على الناشزِ، وَعَلَى مَا في ظهر القدم، وغايةُ مَا في حديثِ النعمانِ أنهُ سمَّى


(١) أخرج عبد الرزاق في (المصنف) (١/ ٦) رقم (٧) وابن أبي شيبة في (المصنف) (١/ ١٦).
عن نافع أن ابن عمر كان يدخل يديه في الوضوء فيمسح بها مسحة واحدة اليافوخ قط.
• اليافوخ: هو الموضع الذي يتحرك من وسط رأس الطفل.
(٢) في (صحيحه) (١/ ٢٣١) رقم (٨٢/ ٢٧٤) من حديث المغيرة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ على الخُفَّيْنِ، ومُقَدَّمِ رأسِهِ، وعلى عِمَامَتِهِ).
(٣) أخرجه أبو داود (١/ ٤٣١) رقم (٦٦٢)، وابن حبان (٣/ ٣٠٢) رقم (٢١٧٣)، والبيهقي (٣/ ١٠٠ - ١٠١)، والدارقطني (١/ ٢٨٢ - ٢٨٣)، والدولابي في (الكنى) (٢/ ٨٦)، والبخاري تعليقًا (٢/ ٢١١)، وهو حديث صحيح.
قلت: وأخرجه البخاري (٢/ ٢١١) رقم (٧٢٥) من حديث أنس بن مالك بلفظ: (وكان أحدُنا يُلزِقُ مَنكِبَهُ بمَنكِبِ صاحبهِ، وقدَمَهُ بقدمِهِ).