للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَفي لَفْظٍ (١) لأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: "بِلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قَصَاصَ". [صحيح]

(وعنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: لوْ أنَّ امرأً اطَّلعَ عليكَ بغيرِ إذنٍ فحذفْتَه بحصاةٍ ففقأتْ عينَه لم يكنْ عليكَ جُنَاحٌ، متفقٌ عليه). دلَّ الحديثُ على تحريم الاطلاعِ على الغيرِ بغيرِ إِذْنِه، وعلى أنَّ مَنِ اطَّلَع قاصِدًا للنظرِ إلى محلِّ غيرِه مما لا يجوزُ الدخولُ إليهِ إلَا بإذنِ مالكِه فإنهُ يجوزُ للمطَّلعِ عليهِ دفعُه بما ذُكِرَ وإنْ فقأَ عينَه فإنهُ لا ضمانَ عليهِ.

(وفي لفظٍ لأحمدَ والنسائيِّ وصحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ: فلا ديةَ لهُ ولا قصاصَ)، وأما إذا كانَ مأذُونًا بالنظرِ فالجناحُ غيرُ مرفوعٍ على مَنْ جَنَى على الناظرِ، وكَذَا لو كانَ المنظورُ إليهِ في محلٍّ لا يحتاجُ إلى [إذن] (٢) ولوْ نظرَ منه ما لا يحلُّ النظرُ إليهِ لأنَّ التقصيرَ منَ المنظورِ إليهِ وإلى هذا ذهبَ الشافعيُّ وغيره، والخلافُ فيهِ للمالكيةِ، قالَ يَحْيَى بنُ يعمرِ منَ المالكيةِ: لعلَّ مالِكًا لم يبلغْه الخبرُ، [فقال] (٣) ابنُ دقيقِ العيدِ: تصرَّفَ الفقهاءُ في هذا الحكم بأنواعٍ منَ التصرفاتِ منْها أنهُ يفرَّقُ بينَ أنْ يكونَ هذا الناظرُ واقِفًا في الشارعِ أَوْ في خالصِ مُلْكِ المنظورِ إليهِ أو في سكةٍ منشدَّةِ الأسفلِ اختلفُوا فيهِ والأشهرُ أن لا فَرْقَ، ولا يجوزُ مدُّ العينِ إلى حرمِ الناسِ بحالٍ، وفي وجْهٍ للشافعيةِ أنها لا تُفْقَأُ إلَّا عينُ مَنْ وقفَ في مُلْكِ المنظورِ إليهِ والحديثُ مطلَقٌ.

ومنْها: أنهُ هلْ يجوزُ رَمْيُ الناظرِ قبلَ الإنذارِ، والنَّهْي فيهِ وجهانِ للشافعيةِ: أحدُهما: لا، والثاني: نعمْ.

قلتُ: وهوَ الذي يدلُّ لهُ الحديثُ ويؤيدُه دلالة الحديثِ الآخرِ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - جعلَ يختل المطَّلِعَ عليهِ لِيَطْعَنَهُ" (٤)، والختلُ فسَّرهُ في


(١) وهو حديث صحيح، أخرجه النسائي في "السنن" (٨/ ٦١)، وابن حبان في صحيحه رقم (٦٠٠٤)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (٧٩٠)، والبيهقي (٨/ ٣٣٣٨)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (١/ ٤٠٥)، والدارقطني (٣/ ٩٩)، وابن أبي عاصم في "الديات" (ص ٨٤).
(٢) في (ب): "الإذن".
(٣) في (ب): "وقال".
(٤) أخرجه البخاري رقم (٦٩٠٠)، ومسلم رقم (٤٢/ ٢١٥٧)، وأبو داود رقم (٥١٧١)، من حديث أنس.