للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"النهاية" (١) بقولِه: [يراودُه] (٢) ويطلبُه منْ حيثُ لا يشعرُ.

وفي الحديثِ دليلٌ أنهُ إنَّما يُبَاحُ لهُ قصدُ العَيْنِ بشيءٍ خفيفِ كالمِدْرَى والبندقةِ والحصاةِ لقولِه: فحذفْتَهُ.

قالَ الفقهاءُ: فأمَّا لو رَمَاهُ بالنشَّابِ أو بحجرٍ فقتلَه فهذَا [قتيلٌ] (٣) يتعلقُ بهِ القصاصُ أو الدِّيةُ. ومما تصرَّفَ فيهِ الفقهاءُ أنَّ هذا الناظرَ إذا كانَ لهُ مَحْرَمٌ في الدارِ أوْ زوجةٌ أو متاعٌ لم يجزْ قصدُ عَيْنِهِ لأنَّ لهُ في النظرِ شبهةً، وقيلَ: لا يكْفي إذا كانَ لهُ في الدارِ مَحْرَمٌ، بلْ إنَّما يمتنعُ قصدُ عَيْنِهِ إذا لم يكنْ في الدارِ إلَّا محارمُه.

ومنْها: إذا لم يكنْ في الدارِ إلَّا صاحبُها فلهُ الرميُ إذا كانَ مكشوفَ العورةِ ولا ضمانَ، وإلَّا فوجهانِ أظهرُهما لا يجوزُ رَمْيُه.

ومنْها: أنَّ الحريْمَ إذا كُنَّ في الدارِ مستتراتٍ أوْ في بيتٍ، ففي وجْهٍ لا يجوزُ قصدُ عَيْنِهِ لأنهُ لا يطَّلِعُ علَى شيءٍ، وقالَ بعضُ الفقهاءِ: الأظهرُ الجوازُ لإطلاقِ [الخبر] (٤) وأنهُ لا تنضبطُ أوقاتُ السِّتْرِ والتكشفِ، والاحتياطُ حَسْمُ البابِ.

ومنْها: أنَّ ذلكَ إنَّما يكونُ إذا لم يقصِّرْ صاحبُ الدارِ، فإنْ كانَ بابُه مفتوحًا أوْ ثَمَّ كوةٌ واسعةٌ أو ثَلْمَةٌ مفتوحةٌ فينظرُ فانْ كانَ مجتازًا لم يجزْ قصدُه، وإنْ كانَ وقَفَ وتعمَّدَ فقيلَ: لا يجوزُ قصدُه لتفريطِ صاحبِ الدارِ بفتحِ البابِ وتوسيعِ الكوَّةِ، وقيلَ: يجوزُ لتعديهِ بالنظرِ، وأُجْرِيَ هذا الخلافُ فيما إذا نظرَ منْ سطحِ بيتِه أو نظرَ المؤذِّنُ منَ المِئْذَنَةِ، لكنَّ الأظهرَ [هنا] (٥) عندهم جوازُ الرمي لأنهُ لا تقصيرَ منْ صاحبِ الدارِ.

ثمَّ قالَ: واعلمْ أنَّ ما كانَ منْ هذهِ التصرفاتِ الفقهيةِ داخلًا تحتَ إطلاقِ الأخبار فهوَ مأخوذٌ منْها، وما لا فبعضُه مأخوذٌ مِنْ فَهْمِ المعنَى المقصودِ بالحديثِ، وبعضُه مأخوذٌ [بالقياس] (٦) وهوَ قليلٌ فيما ذُكِرَ، انتَهى كلامُه.


(١) في "غريب الحديث"، لابن الأثير (٢/ ١٠).
(٢) في "النهاية": "يُداورهُ".
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في (ب): "الأخبار".
(٥) في (ب): "ههنا".
(٦) في (ب): "من القياس".