للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنِ ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ بدَّلَ دِيْنَهُ فاقتلُوه. رواهُ البخاريُّ).

الحديثُ دليلٌ على وجوبِ قَتْلِ مَنْ بدَّلَ دينَه كما تقدَّم وهوَ عامٌّ للرجلِ والمرأةِ، والأَوَّلُ إجماعٌ وفي الثاني خلافٌ. ذهبَ الجمهورُ إلى أنَّها تُقْتَلُ المرأةُ المرتدَّةُ لأنَّ كلمةَ "مِنْ" هُنَا تعمُّ الذَّكَرَ والأُنْثَى (١)، ولأنهُ أخرجَ ابنُ المنذرِ عنِ ابنِ عباسٍ راوي الحديثِ أنهُ قالَ: "تُقْتَلُ المرأةُ المرتدَّةُ"، ولمَا أخْرَجَهُ هوَ والدارقطنيُّ: "أنَّ أبا بكرٍ - رضي الله عنه - قَتَلَ امرأةً مرتدَّةً في خلافتِه والصحابةُ متوافرونَ ولم ينكرْ عليهِ أحدٌ" (٢) وهوَ حديثٌ حسنٌ. وأخرجَ أيضًا (٣) حديثًا مرفُوعًا في قَتْلِ المرأةِ ولكنَّه حديثٌ ضعيفٌ، وقدْ وقعَ في حديثِ معاذٍ (٤) حينَ بعثَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمنِ أنهُ قالَ لهُ: "أيُّما رجلٍ ارتدَّ عنِ الإسلامِ فادْعُه فإنْ عادَ وإلا فاضربْ عُنُقَهُ، وأيُّما امرأةٍ ارتدَّتْ عن الإسلامِ فادعُها فإنْ عادتْ وإلا فاضربْ عُنُقَها"، وإسنادُه حَسَنٌ وهوَ نصٌّ في محلِّ النِّزاعِ.

وذهبَ الحنفيةُ إلى أنَّها لا تقتلُ المرأةُ إذا ارتدتْ، قالُوا لأنهُ قدْ وردَ عنْهُ - صلى الله عليه وسلم -


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (١٢/ ٢٦٤ وما بعدها).
(٢) وخلاصة مذهب أبي بكر الصديق أن عقوبة الردة القتل بعد الاستتابة إذا كان المرتد فردًا سواء كان رجلًا أو امرأة. وقد ثبت أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -، قتل نسوة ارتددن عن الإسلام - كما في "سنن البيهقي" (٨/ ٢٠٤)، وقتل امرأة يقال لها أم قرفة في الردة - كما في "سنن البيهقي" (٨/ ٢٠٤). وأما إذا كان المرتدون جماعة ولهم منعة فإنهم يُستتابون فإن لم يتوبوا يقاتلون فيقتل الرجال ويُسبى النساء والأولاد، كذلك فعل أبو بكر بأهل الردة - كما في مصنف عبد الرزاق (١٠/ ١٧٦ رقم ١٨٧٢٨)، و"السنن للبيهقي" (٨/ ٢٠١) - فقد استرق نساء بني حنيفة وذراريهم - من جملة من استرق - وأعطى عليًا منهم امرأة فولدت له محمد بن الحنفية - كما في "المغني" لابن قدامة (١٢/ ٢٦٤ - ٢٦٥) و"الطبقات" لابن سعد (٥/ ٩١).
(٣) الدارقطني في "السنن" (٣/ ١١٩ رقم ١٢٥)، عن جابر وفي سنده ضعف شديد، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٤/ ١٥٣٠)، وقال فيه عبد اللهِ بن أذينة منكر الحديث. وانظر: "فتح الباري" (١٢/ ٢٧٢).
(٤) أخرجه الطبراني كما في "مجمع الزوائد" (٦/ ٢٦٣)، وقال الهيثمي: "وفيه راو لم يسم، قال: مكحول عن ابن أبي طلحة اليعمري، وبقية رجاله ثقات" اهـ.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" (١٢/ ٢٧٢): عقبة: "وسنده حسن".