للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النسائيُّ (١) ورِجالُه ثِقَاتٌ إلَّا أنهُ اختُلِفَ في وصْلِهِ وانقطاعِهِ، وفي رفْعِهِ ووقْفِهِ، علَى أنهُ على تقديرِ صِحَّتِهِ فقدْ قالَ أحمدُ وغيرُه: إنَّ الراجحَ أنَّ الروايةَ فيهِ المُسْكِرُ بضمِّ الميمِ وسكونِ السينِ لا السُّكْرُ بضمِّ السينِ أو [بفتحتين] (٢)، وعلى تقديرِ ثبوتهِ فهوَ حديثُ فردٍ لا يقاوِمُ ما عرفْتَ منَ الأحاديثِ التي ذكرنَاها، وقدْ سردَ لهم في الشرحِ أدلةً منْ آثارٍ وأحاديثَ لا يخلُو شيءٌ منْها عنْ قادحٍ فلا ينتهض على المدَّعَى. ثمَّ لفظُ الخمرِ قدْ سمعتَ أنَّ الحقَّ فيهِ لغةً عمومُه لكلِّ مُسْكِرٍ كما قالَه مجدُ الدِّينِ (٣)، فقدْ تناولَ ما ذكرَ دليلَ التحريمِ.

وقدْ أخرجَ البخاريُّ (٤) عنِ ابنِ عباسٍ لما سألَه أبو جويريةَ عنِ الباذِق - بالباءِ الموحدةِ والذالِ المعجمة المفتوحةِ وقيلَ المكسورةُ، وهوَ فارسيٌّ معرَّبٌ أصلُه باذهْ - وهوَ الطلاءُ، فقالَ ابن عباسٍ: "سبقَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - الباذِقَ، ما أسكرَ فهوَ حرامٌ، الشرابُ الحلالُ الطيِّبُ، ليسَ بعدَ الحلالِ الطيبِ إلا الحرامُ الخبيثُ".

وأخرجَ البيهقيُّ (٥) عنِ ابنِ عباسٍ أنهُ أتاهُ قومٌ يسألونَ عنِ الطلاءِ، فقالَ ابنُ عباسٍ: وما طلاؤُكم [هذا] (٦)؟ إذا سألتموني فبيِّنوا لي الذي [سألتموني] (٧) عنهُ، فقالُوا: هوَ العنبُ [يُعْصَرُ] (٨) ثمَّ [يُطْبَخُ] (٩) ثمَّ [يُجْعَلُ] (١٠) في الدِّنانِ، قالَ: وما الدنانُ؟ قالُوا: دنانٌ مقيَّرةً (١١)، قالَ: مزفتةٌ؟ قالُوا: نعمْ، قالَ: أيسكر؟ قالُوا: إذا كثر منه أسكر، قالَ: فكلُّ مسكرٍ حرامٌ.

وأخرجَ عنهُ (١٢) أيضًا أنهُ قالَ في الطلي: إنَّ النارَ لا تُحِلُّ شيْئًا ولا تحرِّمهُ، وأخرجَ أيضًا عنْ عائشةَ (١٣) في سؤالِ أبي مسلمٍ الخولانيِّ لها قالَ: يا أمَّ


(١) "السنن الكبرى" (٤/ ١٨٠ رقم ٦٧٨٠).
(٢) في (أ): "بفتحها".
(٣) الفيروزآبادي (٤٩٥).
(٤) البخاري (٥٥٩٨) قلت: وأخرجه البيهقي (٨/ ٢٩٤).
(٥) "السنن الكبرى" (٨/ ٢٩٤).
(٦) في (أ): "هذه".
(٧) في (ب): "تسألوني".
(٨) في (أ): "تعصر".
(٩) في (أ): "تطبخ".
(١٠) في (أ): "تجعل".
(١١) المقيَّرة: المطلية بالقار، شيء أسود تُطلى به السفن والإبل، أو هو الزفت، قاله في "القاموس"، فهو القطران على التفسير الأول. "من المطبوعة".
(١٢) البيهقي (٨/ ٢٩٤).
(١٣) "السنن الكبرى" (٨/ ٢٩٤، ٢٩٥).