للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التكليفِ (وإذا لقيتَ عدوَّكَ منَ المشركينَ فادْعُهم إلى ثلاثِ خصالٍ) أي إلى إحْدَى ثلاث [كما يدل له قوله]: (فَأَيَّتُهُنَّ أجابُوكَ إليها فاقبلْ منْهم وكُفَّ عنْهم) أي القتالَ. [وبيَّنَ الثلاث الخصال] (١) بقولِه: (ادْعُهم إلى الإسلامِ، فإنْ أجابُوكَ فاقبلْ منْهم، ثمَّ [ادْعُهم] (٢) إلى التحوُّلِ منْ دارِهم إلى دارِ المهاجرينَ فإنْ أَبَوْا فأخبرَهُم بأنَّهم يكونونَ كأعرابِ المسلمينَ) وبيانُ حكمِ أعرابِ المسلمينَ قولُه: (ولا يكونُ لهم في الغنيمةِ) الغنيمةُ ما أُصِيبَ منْ مالِ أهلِ الحربِ وأوجفَ عليهِ المسلمونَ بالخيلِ والرِّكَابِ (والفيءِ) هوَ ما حصلَ للمسلمينَ منْ أموالِ الكفار منْ غيرِ حربٍ ولا جهادٍ (شيءٌ إلَّا أنْ يجاهدُوا معَ المسلمينَ، فإنْ هُمْ أَبَوْا) أي الإسلامَ (فاسألْهمُ الجزيةَ) هيَ الخصلةُ الثانيةُ منَ الثلاثِ (فإنْ همْ أجابوكَ فاقْبَلْ منْهم، وإنْ هُمْ أَبَوْا فاستعنْ عليهمْ باللهِ وقاتِلْهم) وهذهِ هيَ الخصلةُ الثالثةُ.

(وإذا حاصرتَ أهلَ حصنٍ فأرادوكَ أنْ تجعلَ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ وذمةَ نبِّيهِ فلا تفعلْ ولكنِ اجعلْ لهم ذِمَّتَكَ) علَّلَ النَّهيَ بقولِه: (فإنكُمْ إن تَخْفُرُوا) بالخاءِ المعجمةِ والفاءِ والراءِ من أَخْفَرْتَ الرجلَ إذا نَقَضْتَ عَهْدَهُ وذِمَامَهُ (ذِمَمَكم أهونُ مِنْ أن تخفُروا ذمةَ اللهِ، وإذا أرادوكَ أنْ تنزلَهم على حكمِ اللهِ فلا تفعلْ بلْ على حُكْمِكَ) علَّلَ النَّهْيَ بقولِه: (فإنكَ لا تدري أتصيبُ فيهمْ حكمَ اللهِ أمْ لا. أخرجَهُ مسلمٌ).

في الحديثِ مسائلُ:

الأُولَى: دلَّ على أنهُ إذا بعثَ الأميرُ مَنْ يغزُو أَوْصَاهُ بتقْوى اللهِ وبمنْ يصحَبُهُ مِنَ المجاهدينَ خَيْرًا، ثمَّ يخبرهُ بتحريمِ الغُلولِ منَ الغنيمةِ وتحريمِ الغدْرٍ وتحريمِ المُثْلَةِ وتحريمِ قتلِ صبيانِ المشركينَ، وهذهِ محرماتٌ بالإجماعِ، [ويدل] (٣) علَى أنهُ يدعُو الأميرُ المشركينَ إلى الإسلام قبلَ قتالِهم وظاهرُه وإنْ كانَ قدْ بلغتْهمُ الدعوةُ [لكنها] (٤) معَ بلوغِها [تحمل] (٥) علَى الاستحبابِ كما دلَّ لهُ إغارتُه - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلقِ وهمْ غارّونَ وإلا وجبَ دعاؤُهم.

وفيهِ دليلٌ على دعائِهم إلى الهجرةِ بعدَ إسلامِهم وهوَ مشروعٌ نَدْبًا بدليلٍ ما


(١) في (ب): "وبينها".
(٢) في (أ): "أمرهم".
(٣) في (ب): "ودكَّ".
(٤) في (ب): "لكنه".
(٥) في (ب): "يحمل".