للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الحديثِ منَ الإذنِ لهمْ في البقاءِ، وفيهِ دليلٌ على أنَّ الغنيمةَ والفيءَ لا يستحقها إلَّا المهاجرونَ وأنَّ الأعرابَ لا حقَّ لهم فيها إلَّا أنْ يحضُروا الجهادَ، وإليهِ ذهبَ الشافعيُّ وذهبَ غيرُه إلى خلافِه وادَّعُوا نسخَ الحديثِ ولم يأتُوا ببرهانٍ على نسخِه.

المسألةُ الثانيةُ: في الحديثِ دليلٌ على أنَّ الجزيةَ تؤخذُ منْ كلِّ كافرٍ كتابيٍّ وغيرِ كتابيٍّ، عربي وغيرِ عربيٍّ، لقولِه: "عدوَّكَ" وهوَ عامٌّ، وإلى هذا ذهبَ مالكٌ والأوزاعيُّ وغيرُهما، وذهبَ الشافعيُّ إلى أَنَّها لا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ أهلِ الكتابِ والمجوسِ عَرَبًا كانُوا أو عجمًا لقولِه تعالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} (١) بعدَ ذكرِ أهلِ الكتابِ، ولقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "سنُّوا بهمْ سُنَّةَ أهلِ الكتاب" (٢)، وما عدَاهُم داخلونَ في عموم قولِه تعالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (٣)، وقولِه تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٤)، [وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} (٥)] (٦)، واعتَذَرُوا عنِ الحديثِ بأنهُ واردٌ قبلَ فتحِ مكةَ بدليلٍ الأمرِ بالتحولِ والهجرةِ، والآياتُ بعدَ الهجرةِ، فحديثُ بريدةَ منسوخٌ أوْ [مؤوَّل] (٧) بأنَّ المرادَ [من عدوك] (٨) مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الكتابِ.

قلتُ: الذي يظهرُ عمومُ أَخْذِ الجزيةِ منْ كلِّ كافرٍ لعمومِ حديثِ بريدةَ هذا،


(١) سورة التوبة (٢٩).
(٢) أخرجه مالك (١/ ٢٧٨ رقم ٤٢) ومن طريقه الشافعي في "بدائع المنن" (٢/ ٣٤ رقم ١١٨٣)، وكذا البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٨٩). عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه. أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول … "، فذكره. وهو حديث ضعيف.
• وله شاهد ولكنه ضعيف، وهو من حديث السائب بن يزيد قال: "شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما عهد إلى العلاء حين وجهه إلى اليمن، قال: ولا يحل لأحد جهل الفرض والسنن، ويحل له ما سوى ذلك، وكتب للعلاء: أن سنُّوا بالمجوس سنة أهل الكتاب". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ١٣): "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه".
(٣) سورة البقرة: الآية ١٩٣.
(٤) سورة التوبة: الآية ٥.
(٥) سورة التوبة: الآية ٣٦.
(٦) زيادة من (أ).
(٧) في (ب): "متأول".
(٨) في (ب): "بعدوك".