للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أخرجَهُ الثلاثةُ، وصحَّحَهُ ابنُ حبانَ والحاكمُ) وقالَ الترمذيُّ (١): حديثٌ حسنٌ. وذكرَ أن بعضَهم رواهُ مرسلًا وأنهُ أصحُّ وأعلَّه ابنُ حزمٍ (٢) بالانقطاعِ وأنَّ مسروقًا لم يلقَ معاذًا، وفيهِ نظرٌ. وقالَ أبو داودَ (٣): إنهُ منكرٌ، قالَ: وبلغني عنْ أحمدَ أنهُ كانَ ينكرُ هذا الحديثَ إنكارًا شديدًا، قالَ البيهقيُّ (٤): إنَّما المنكرُ روايةُ أبي معاويةَ عن الأعمشِ عنْ إبراهيمَ عنْ مسروقٍ عنْ معاذٍ، فأما روايةُ الأعمشِ عنْ أبي وائلٍ عنْ مسروقٍ فإنَّها محفوظةً قدْ رواها عن الأعمشِ جماعةٌ منْهم سفيانُ الثوريُّ وشعبةُ ومعمرٌ وجرير وأبو عوانةَ ويحيى بنُ سعيد وحفصُ بنُ غياثِ، قالَ بعضُهم عنْ معاذٍ، وقالَ بعضُهم: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما بعثَ معاذًا إلى اليمنِ أو معناهُ.

والحديثُ دليلٌ على تقديرِ الجزيةِ بالدينارِ منَ الذهبِ علي كلِّ حالِمٍ أي بالغٍ، وفي روايةٍ محتلِم. وظاهرُ إطلاقِه سواءٌ كانَ غنيًا أو فقيرًا، والمرادُ أنهُ يُوخَذُ الدينارُ ممنْ ذكرَ في السنةِ، وإلى هذا ذهبَ الشافعيُّ فقالَ: أقل ما يؤخذُ منْ أهلِ الذِمَّةِ دينارٌ على كلِّ حالمٍ، وبهِ قالَ أحمدُ فقالَ: الجزيةُ دينارٌ أو عَدْلُه منَ المعافريِّ لا يزادُ عليهِ ولا يُنْقَصُ، إلا أن الشافعيَّ جعلَ ذلكَ حدًّا في جانبِ القلَّةِ، وأما الزيادةُ فتجوزُ لما أخرجَه أبو داودَ (٥) منْ حديثِ ابن عباسٍ: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صالحَ أهل نجرانَ على ألفي حُلَّةٍ النصفُ في محرَّمٍ والنصفُ في رجبٍ يؤدُّونَها إلى المسلمينَ وعاريةً ثلاثينَ دِرْعًا وثلاثينَ فرسًا، وثلاثينَ بعيرًا وثلاثينَ منْ كلِّ صِنْفٍ منْ أصنافِ السلاحِ يغْزو بها المسلمونَ ضامنينَ لها حتَّى يردُّوها عليهمْ إنْ كانَ باليمنِ كيدٌ".

قالَ الشافعي: قدْ سمعتُ بعضَ أهلِ العلمِ منَ المسلمينَ ومنْ أهلِ الذمةِ منْ أهلِ نجرانَ يذكر أن قيمةَ ما أخذُوا منْ كلِّ واحدٍ أكثرُ منْ دينارٍ، وإلى هذا


(١) في "السنن" (٣/ ٢٠).
(٢) قلت: بل قال ابن حزم في "المحلَّى" (٧/ ٣٤٨): "ومسروق أدرك معاذًا وشاهد حكمه باليمن".
(٣) في "السنن" (٢/ ٢٣٦).
(٤) في "السنن الكبرى" (٩/ ١٩٣).
(٥) في "السنن" (رقم (٣٠٤١)، وهو حديث ضعيف الإسناد.