للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذهبَ عمرُ فإنهُ أخذَ زائدًا على الدينارِ، وذهبَ بعضُ أهلِ العلم إلى أنه لا توقيفَ في [قدرِ] (١) الجزيةِ في القلةِ ولا في الكثرةِ وأنَّ ذلكَ موكولٌ إلى نظرِ الإمامِ، ويجعل هذهِ الأحاديثَ محمولةً على التخييرِ والنظرِ في المصلحةِ.

وفي الحديثِ دليلٌ على أنها لا تُوخَذُ الجزيةَ منَ الأُنْثَى لقولِه: "حالمٍ"، قالَ في "نهاية المجتهدِ" (٢): اتفقُوا على أنها لا تجبُ الجزيةُ إلا بثلاثة أوصافٍ: الذكورية والبلوغِ والحريةِ. واختلفُوا في المجنونِ المقعدِ والشيخِ وأهلِ الصوامعِ، [والكبير] (٣)، والفقيرِ، قالَ: وكلُّ هذهِ مسائلُ اجتهاديةٌ ليسَ فيها توقيفٌ شرعيٌّ، قالَ: وسببُ اختلَافِهم هلْ يقتلونَ أمْ لا. اهـ.

هذا وأما روايةُ البيهقيُّ (٤) عن الحكمِ بن عتيبةَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كتبَ إلى معاذٍ باليمنِ "على كلِّ حالمٍ أوْ حالمةٍ دينارًا أو قيمتُه"، فإسنادُها منقطعٌ، وقدْ وصَلَه أبو شيبةَ عن الحكمِ بن عتيبةَ عنْ مقسم عن ابن عباسٍ بلفظِ: "فعلَى كلِّ حالمٍ [دينارٌ] (٥) أو عَدْلُه منَ المعافِرِ ذكرٍ أوْ أُنْثَى، حرٍّ أو عبدٍ، دينارٌ أو عِوَضُه منَ الثيابِ"، لكنَّه قالَ البيهقيُّ (٤): أبو شيبةَ ضعيفٌ، وفي البابِ عنْ عمرِو بن حزمٍ (٦) ولكنَّه منقطعٌ وعنْ عروةَ (٧) وفيهِ انقطاعٌ. وعنْ معمرٍ عن الأعمشِ عنْ أبي وائلٍ عنْ مسروقٍ عنْ معاذٍ وفيهِ: "وحالمةٍ"، لكنْ قالَ أئمةُ الحديثِ: إن معمرًا إذا رَوَى عنْ غيرِ الزهريِّ يغلط كثيرًا. وبهِ يُعْرَفُ أنهُ لم يثبتْ في أَخْذِ الجزيةِ منَ الأُنْثَى حديثٌ يُعْمَلُ بهِ.

وقالَ الشافعيُّ: سألتُ محمدَ بنَ خالدٍ وعبدِ اللَّهِ بنَ عمرِو بن مسلمٍ وعددًا منْ علماءِ أهلِ المدينةِ وكلُّهم حَكَوْا عنْ عددٍ مضُوا قَبْلَهم يحكونَ عنْ عددٍ مَضَوْا قَبلَهم كلُّهم ثقةٌ أن صلحَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ لأهلِ الذمةِ باليمنِ على دينارٍ كلَّ سنةٍ ولا


(١) زيادة من (أ).
(٢) "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد الحفيد (٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) في "السنن الكبرى" (٩/ ١٩٣ - ١٩٤).
(٥) في (أ): "دينارًا".
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٩٤) وهو منقطع.
(٧) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٩٤) وهو منقطع.