للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسْتثناهُ منَ الثلاثةِ، وقدْ ورد بهذهِ الألفاظِ رواياتٌ في الصحيحينِ وغيرِهِما (١).

واختلفَ العلماءُ هلِ المنعُ للتحريمِ أوْ للكراهةِ؟ فقيلَ بالأولِ ويكونُ نقصانُ القيراطِ عقوبةً في اتخاذِها بمعنَى أن الإثمَ الحاصلَ باتخاذِها يوازنُ قَدْرَ قيراطٍ منْ أجرِ المتخذِ لهُ، وفي روايةٍ قيراطانِ، وحِكْمةُ التحريمِ ما في بقائِها في البيتِ منَ التسببِ إلى ترويعِ الناسِ وامتناع دخولِ الملائكةِ الذينَ دخولُهم [خير وبركة وتقرب] (٢) إلى فعلِ الطاعاتِ ويبعد عنْ فعلِ المعصيةِ، وبعدُهم سببٌ لضدّ ذلكَ، ولتنجيسها الأواني، وقيلَ بالثاني بدليلِ نقصِ بعضِ الثوابِ على التدريجِ، فلوْ كانَ حرامًا لذهبَ [بالكلية] (٣). وفيه أن فعلَ المكروهِ تنزيهًا لا يقتضي حبوط شيءٍ منَ الثوابِ.

وذهبَ إلى تحريمِ اقتناءِ الكلبِ الشافعيةُ إلا المُسْتَثنى. واختُلِفَ في الجمعِ بينَ روايةِ قيراطٍ وروايةِ قيراطانِ، فقيلَ إنهُ باعتبار كثرةِ الأضرارِ كما في المدنِ ينقصُ قيراطانِ، وقلَّتُه كما في البوادي ينقصُ قيراطٌ، أو أن الأولَ إذا كانَ في المدينةِ النبويةِ والثاني في غيرِها، أوْ قيراطٌ منْ عملِ النهارِ وقيراطٌ منْ عملِ الليلِ، فالمقتصرُ في الروايةِ باعتبارِ كلّ واحدٍ منَ الليلِ والنهارِ، والمثنَّى باعتبارِ مجموعِهما.

[واختلفُوا] (٤) أيضًا هلِ النقصانُ منَ العملِ الماضي أوْ منَ الأعمالِ المستقبلةِ؟ قالَ ابنُ التينِ: المستقبلةُ، وحكَى غيرُه الخلافَ فيهِ (٥) وفيهِ دليلٌ على


(١) • منها: أخرج البخاري (٢٣٢٣)، ومسلم (٥/ ١٥٧٤)، والنسائي (٧/ ١٨٨)، وابن ماجه (٣٢٠٦)، والدارمي (٢/ ٩٠)، ومالك في "الموطأ" (٢/ ٩٦٩ رقم ١٢)، وأحمد (٥/ ٢١٩، ٢٢٠) عن سفيان بن أبي زهير، قال: سمعت رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "من اقتنى كلبًا لا يُغني عنه زرعًا ولا ضرعًا نقصَ كلُّ يومٍ من عملهِ قيراط".
(ومنها): أخرج البخاري (٥٤٨٠)، ومسلم (٥١/ ١٥٧٤)، والنسائي (٧/ ١٨٨)، وأحمد (٢/ ٨)، والدارمي (٢/ ٩٠)، ومالك (٢/ ٩٦٩ رقم ١٣).
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية نقصَ من أجره كل يوم قيراطان".
(٢) في (ب): "يقرِّب".
(٣) في (ب): "الثواب مرة واحدة".
(٤) في (أ): "اختلف".
(٥) الخلاف في أمثال هذه الأشياء لا فائدة فيه، بل هو مضر لأنَّه مضيعة للوقت، وتهجُّم على الغيب.